محمد محسن
الجميلات هنّ الجميلات، حتى وإن لم يكنّ من عالم الواقع. ففي شهر أيلول الماضي، انتُخبت ملكة جمال الفايسبوك في لبنان، للمرة الأولى. لم نرَ دموع الفرح، ولا الأيادي المرتجفة قبل إعلان النتائج! غاب العناق «الحنون» والروح الرياضية – المصطنعة طبعاً – بين المتباريات. أمّا التاج الماسي، فليس سوى رسم إلكتروني على رأس الملكة الافتراضيّة. ماذا بقي من مسابقة ملكة جمال؟ قد يكون هذا الكلام مقبولاً قبل سنوات مضت. لكن، اليوم، بات للأمور الافتراضيّة سطوتها الواضحة في مختلف نواحي الحياة. هكذا، لا يبدو الحديث عن احتفال افتراضي مستغرباً، نظمته إحدى الشركات الإعلانيّة تحت عنوان «ملكة جمال الفايسبوك في لبنان». بالمعيار اللبناني السائد، بإمكان ملكة جمال الفايسبوك أن تؤلف حزباً سياسياً؛ فالملكة ووصيفاتها تمتلكان آلاف الأصدقاء، خلافاً لسياسيين لا أحد غيرهم في أحزابهم.
على صفحاتها الثلاث في موقع الفايسبوك، تتشارك «ملكة جمال الفايسبوك»، ناتالي فرّاج، الصداقة مع أكثر من 14 ألف شخص. الرقم ضخم بالنسبة إلى مستخدم في الموقع الشهير. رقم جذب الشركة الإعلانية، وحفزها على التواصل مع فرّاج. «طلبوا بريدي الإلكتروني، وشجعّوني على المشاركة في المسابقة، وخصوصاً أن لي أصدقاء كثيرين سيصوّتون لي» كما تقول. بديهياً، حصل الأمر ذاته مع الكثيرات من المتباريات. تردّدت «الملكة» قبل المشاركة. وقعت بين نارين! أي قاعدة تقنعها؟ «الحلو ليس بحاجة إلى مسابقة جمال؟» أم «شاركي وتابعي لأن هذا الاستحقاق يمكن أن يكون مدخلاً لاستحقاق أهم». مالت نحو النظرية الثانية، وقرّرت المشاركة، بانتظار دعم الأصدقاء وتصويتهم عبر رسائل SMS التي امتدت لشهر. تؤكد فرّاج أن حملتها الانتخابية اقتصرت على موقع الفايسبوك «الذي لا أتصفّحه لأكثر من ساعة يومياً، على الرغم من كثرة الأصدقاء».
من المعجبين الافتراضيين، حصلت ناتالي على 7007 أصوات من أصل 11258صوتاً. أمّا من لجنة الحكم المكوّنة من «نجوم» التمثيل والإعلام، فقد حصدت 8 أصوات من أصل 12 صوتاً. مثلاً، صوّت طبيب الأسنان والمقدّم التلفزيوني زياد نجيم لفرّاج. الغريب أنه اقتنع بالتصويت في مسابقة افتراضية وهو من أكثر الرافضين للواقع مثلاً؟ النائب غسان مخيبر صوّت أيضاً لفرّاج. تقدّر فرّاج لجنة التحكيم التي منحتها ثقتها، وتؤكّد أن أي تواصل مع أيّ من أعضائها لم يحدث. لكنّ القيمة الإضافية التي حصدتها هي «محبة أولئك الناس الذين آمنوا بجمالي من دون أن يروني، وتعبوا وأرسلوا رسالة ليصوتوا من أجلي. أقدّرهم كثيراً» تقول.
خلت المسابقة من الأسئلة التي توجّه، عادةً، إلى المتباريات من أجل استكشاف ثقافتهن وقدرتهن على حل مشاكل الكرة الأرضيّة. لكن ذلك لم يمنع ناتالي من إبداء رأيها في بعض المسائل. تؤكّد أن العنف بجميع أشكاله هو نقطة ضعفها «بمعزل عن نوعيته. أكره أن أرى مشهداً عنيفاً، سواء أكان رجلاً يضرب زوجته أو أولاده، أو شابين يتبادلان الصراخ في الطريق. الأهم من إلغاء العنف بالنسبة إلى «الملكة»، هي قضية العائلة «إذا خربت العيلة بيخرب كل شي، نلاحظ تفككاً يأخذ مجراه، رسالتي هي العودة إلى العائلة» كما تقول. لم يكن أهلها على علم بمشاركتها في مسابقة ملكة جمال الفايسبوك «أبقيت الأمر مفاجأة وحين أبلغتهم بالنتيجة فرحوا لي كثيراً» تقول فرّاج.
العنف بجميع أشكاله هو نقطة ضعف الملكة