جبيل ــ جوانا عازارباستمتاع، يستلقي بديع نصار على رمال الشاطئ الجبيلي، متلذّذاً بحرارة صيف ثان لم يكذب الجدود في ترداد أنه يحلّ بين تشرينين. فها هو الرجل، كما يقول، «يستغل «الطقس الرائع» في هذه الفترة من السنة، لإطالة المتعة الصيفية. فالحرارة عالية والرطوبة منخفضة ومياه البحر نظيفة وخالية من القناديل». يلتقي نصار عدداً من أصدقائه، فينتقل من الاستلقاء إلى السباحة والصيد والركض معهم. يستغرب كيف أنّ غالبيّة المطاعم والمنتجعات البحريّة تقفل أبوابها آخر شهر أيلول، فيما تشهد جبيل بعد ذلك موسماً آخر يمتدّ ستّة أسابيع، «أي نصف صيف آخر»، كما يقول.
جورجيت صفير حضرت هي الأخرى برفقة أسرتها، مزوّدين بكل العدّة (قصبة الصيد والطاولات والكراسي، وطبعاً منقل الفحم والنرجيلة). «شو بدّي قول، أحسن بحر وأحسن طقس بهالشهرين. البحر متل الزيت»، تقول صفير. تضيف: «بيحكوا عن صيف تاني بين تشرين وتشرين، نحنا منطبقو عالآخر، ومنمدّدو إلى كانون الأول». تحرص السيّدة الستينية على عدم تضييع الوقت: تسبح، تصطاد، تشوي السمك وتمشي.
تقول: «المياه دافئة وحرارتها 27 درجة، الطقس رائع، ويخسر كثيراً من لا يرتاد البحر في جبيل في مثل هذه الأيّام»،.
في هذا الوقت من السنة، يمارس شبان وصبايا كثيرون رياضاتهم المفضّلة على الشاطئ الرملي للمدينة. تسمع الموسيقى تصدح من أحد المنتجعات التي تتأخّر في إقفال أبوابها. تقترب فتكتشف أنّ شبان جبيل ينظّمون مباريات ودّية ترفيهية في كرة الطائرة أو «الباليت». في مكان آخر، لا يتوقف شبان آخرون عن المشي والركض على الرمل، مستفيدين من انخفاض حدّة الحرارة والرطوبة.
الطقس الجميل جعل شادي خوري الذي يدير «سناك» على شاطئ الزيرة الرمليّ في جبيل يتحدث عن صيف ثالث بعدما أصبح هذا الفصل يستمر ثمانية أشهر. يقول إنّ البحر لا يقفل بابه، و«نحن في السناك، وإن توقفنا عن تقديم الطعام، نواصل تقديم المشروبات والمرطّبات والمياه، وهذه الأخيرة تلاقي الرواج الأكبر بين مرتادي الشاطئ».
وإذا كان معظم اللبنانيين الذين يأتون خلال هذه الفترة من السنة هم من منطقة جبيل، تبقى حركة السياح الأجانب هي الأبرز. هؤلاء يقصدون شاطئ جبيل بكثافة خلال شهري تشرين الأوّل وتشرين الثاني، ويأتون بغالبيّتهم من ألمانيا وإيطاليا وفرنسا.
يعرب الشاب الإيطالي، الفريدو ألفونزو، عن سعادته لارتياد البحر، «فالإيطاليون يرتدون في هذه الفترة اللباس الشتويّ في إيطاليا»، مشيراً إلى أنّ «هدوء البحر في هذين الشهرين هو هدوء ما قبل العواصف التي يبشّر بها فصل الشتاء». ما يلفت ألفونزو هو نظافة المياه وحرارتها المناسبة للسباحة.
هكذا، يستفيد الأجانب من دفء الطقس مقارنة مع الطقس البارد في بلدانهم، وخصوصاً تلك التي تسجّل انخفاضاً كبيراً في درجات الحرارة. الشاب أرباد توث من هنغاريا كان يمضي وقته على شاطئ جبيل برفقة والدته. توث يزور لبنان للمرّة الثانية، ويقول لـ«الأخبار» إنّه هرب من الطقس البارد في هنغاريا واختار «بيلدنا» ليمضي صيفه الثاني فيه، واصفاً شاطئ جبيل بالأكثر نظافة في لبنان، وواعداً نفسه بزيارته كلّما سنحت له الفرصة.
أما بلديّة جبيل، فلا تزال ترسل عدداً من المراقبين إلى الشاطئ ليتولّوا مهمّة مراقبة المكان، منعاً لحدوث أية مشاكل. وكانت البلديّة قد مددّت عمل هؤلاء حتّى نهاية تشرين الأوّل الجاري، بعدما لمست أنّ الشاطئ لا يزال يستقطب الزوّار.


وقت مناسب للغطس

بعد هطول الأمطار الأولى، يهدأ البحر ويصبح كما يقال «متل الزيت»، لتنشط بعدها حركة اليخوت ومراكب الصيد الصغيرة أو ما يسمى «بالفلوكة» على طول الشاطئ الجبيلي، ولا سيما في مدينة جبيل ومنطقة الحلوة والبربارة وعمشيت.
هكذا، يصبح هذا الوقت من السنة مؤاتياً للغطس والاصطياد على شاطئ جبيل الصخريّ تحديداً، إذ مع تبدّل الطقس، تصل إلى البحر أنواع من السمك الموسميّ، ويكون البحر هادئاً ومثاليّاً للغطس الحرّ واصطياد «البوري»، «الكالامار»، «الأخطبوط»، أبو سن»، «بالاميد»، «كركند» وغيرها. بدورهم، يرمي البحّارة شباك الصيد خاصتهم قبيل وقت الغروب ويتركونها في البحر ثم يخرجون في اليوم الثاني غلتّهم من الأسماك.