سلال من القش، سلال من القمح، صحون الخيزران، سجّاد للصلاة... قطع من التراث اللبناني يكرس لها متحف تربل معرضه السنوي. فنهار السبت الواقع فيه 16/ 10/ 2010. ستفتح أبواب المتحف أمام الزوار ليستقبلهم في قاعاته، حيث تُعرض مجموعات تبرز فن حياكة السلال وصناعتها في لبنان. المعرض نظمته ونفذته المؤسسة الوطنية للتراث، التي أسست المتحف في قرية تربل، وهي تشرف عليه. وتشرح نايلة كونغ كتانة، الناطقة باسم المؤسسة الوطنية للتراث ومنظمة المعرض، أن «تاريخ بعض القطع المعروضة يعود إلى نهاية القرن التاسع عشر، والبعض الآخر صُنع أخيراً». وتقول إن القطع الكبيرة والفريدة هي ملك لأفراد، منهم لينا عودة وهودا قاسطلي وغيرهما، «قدموا مجموعاتهم إلى متحف تربل لإتمام هذا المعرض الذي يدوم حتى نهاية السنة». بعض تلك القطع يبرز فن الحياكة والمهارة العالية التي يتطلبها في إدخال الألوان بين قطع الخيزران أو داخل سنابل القمح وجدائل البلح. فحياكة القصب فن بحد ذاته، من هنا كان اسم المعرض «فن حياكة السلال». تضيف كتانة إن المعرض يتوزع على غرفتين من غرف البيت الترابي الذي أُنشئ المتحف في داخله. «الغرفة الأولى مخصصة للمونة والقطع المصنوعة لاحتواء المآكل. أما الغرفة الثانية، فهي لعرض الصحون الكبيرة التي تُستعمل في صناعة المعجنات والقطايف، ولسجادات الصلاة التي كان يحاك وسطها». «القطع المعروضة في متحف تربل هي إيحاء للحرفيين اللبنانيين»، كما كتبت نور مجدلاني على غلاف كتابها «La Vannerie» الذي أعدته خصيصاً للمعرض، الذي أتى ليرافق طرق الحياكة ومتطلباتها ويشرحها. تجدر الإشارة الى أن القطع المعروضة في متحف تربل كانت تُستخدم يومياً في القرى اللبنانية، لكن دخول الأواني المصنوعة من البلاستيك الى الحياة اليومية كان السبب الأول في بداية زوالها. أما السبب الثاني، فهو النقص في الحرفيين الشباب الذين يريدون مزاولة هذه الحرفة. لذا، فالقسم الكبير من القطع المعروضة، وخاصةً المصنوعة من ورق البلح، بات في طريق الزوال.
ويعدّ فن حياكة السلال من أقدم الحرف في لبنان، وقد انتشرت في مناطق الساحل أو القرى الجبلية. وتختلف مواد الحياكة بحسب موقع القرية، وانتشار أنواع الزراعة فيها وقربها من مجاري الأنهر. فأهالي القرى التي عرفت زراعة القصب احترفوا صناعة السلال القصبية، والحصائر لتغطية الأرض والسقوف منذ قرون. أما هؤلاء الذين كبروا قرب شجر البلح، فأدركوا أهميته في صناعة القبعات أو سلال الفاكهة والخضار... أما القش، فيبقى الصديق الأكبر للصحون الكبيرة والكراسي. إنها مهنة تختصر حياكة أجيال في قرى لبنان، ومهنة تبرز أيضاً، ومن جديد، حياة الفلاحين. لذا، فمن الطبيعي أن ينظم المعرض في متحف تربل الذي أنشأته المؤسسة الوطنية للتراث، والذي يهدف إلى إبراز حياة المزارعين اللبنانيين في القرون الماضية. ويبقى التمني بأن يترجم الكتاب إلى العربية لكي يكون في متناول المزارعين، وخاصةً أهالي القرى البقاعية.
ج. ف. ب