محمد محسنقدّم شباب بلدات الجيّة، دير الغزال وجون مشاريع خطيّة لبلدياتهم، طلبوا فيها صيانة النوادي الرياضيّة. في القماطية، طلب شباب القرية من بلديتهم إنشاء نادٍ متنقّل للسينما. أمّا شباب قعقعية الجسر فطلبوا ميزانية لحملات توعية تستهدف الأطفال، يراد منها إبعادهم عن التدخين والمخدرات، فضلاً عن طلب إنشاء مراكز ترفيهية. القرى المذكورة متباعدة، لكن نقطة الربط بين شبابها ومشاريعهم، هي المشروع الذي تنفّذه «الحركة الاجتماعية» تحت عنوان «المواطنية حق لي» بتمويل من «صندوق الأمم المتّحدة للديموقراطية». الواضح من طبيعة المشاريع المقدّمة، أن مطلب الشباب من البلديات هو الحق المكتسب ليس أكثر.
يهدف المشروع إلى أمرين، تشرحهما المسؤولة الإعلامية في الحركة الاجتماعية جيزيل الأشقر: «الأول هو تفعيل مشاركة الشباب في العمل المحلي، والثاني هو الحد من نزوحهم إلى المدن طلباً لفرص العمل». في تفاصيل المشروع، تشير الأشقر إلى أن الحركة ستطلق منتدىً يضمّ 16 بلدية من كل المحافظات. 16 بلدية متباعدة اختارتها الحركة لتنفّذ المشروع مع شبابها، وفقاً لمعيارين: الأول، هو البلديات المعنية في مناطق ما زالت تعدّ قرى. أمّا المعيار الثاني، فهو التوجّه نحو بلديات يكون سكّانها متنوعين طائفياً. في كل قرية، اختيرت لجنة شبابية تمثل شباب القرية. بعد ذلك، جرى التواصل مع البلديات لإقناعها بتخصيص مكتب للجنة الشبابية داخل مبنى البلدية، لتصبح جزءاً من القرار الإنمائي في القرية، وتطرح مشاريع تهمّ شباب القرية.
تؤكّد الأشقر أن البلديات تجاوبت مع الطلب. لكن ماذا عن معايير اختيار الشباب المشاركين في المشروع؟ تشير الأشقر إلى اعتماد المعايير التقليدية «عبر الجمعيات الشبابية والأحزاب والجهات الفاعلة الموجودة في القرى التي يستهدفها المشروع». لكن الشباب لم يبدأوا بطرح مشاريعهم قبل خضوعهم لدورات مكثّفة، تلحظ عناصر يفترض توافرها قبل الشروع بأي عمل إنمائي، سمته الأساسية الاحتكاك مع البلدية. فمنذ عام بدأ متخصّصون بتدريب اللجان الشبابية على ممارسة مفاهيم أساسية منها المشاركة، قبول الآخر، دور البلديات وصلاحياتها، كيفية إقامة مشاريع تنموية في القرى، وكيفية كتابة اقتراح مشروع وتقديمه للبلدية. وتنقسم المشاريع المقدّمة إلى قسمين: الأول، ذو منفعة عامة للقرية. أما الثاني، فهو ذو منفعة خاصة لعدد من أعضاء اللجنة الشبابية.
محمد الحاج (19 عاماً) نموذج من هؤلاء الشباب. فعدا مشاركته في تقديم المشروع ذي المنفعة العامة، قدّم إلى رئيس البلدية مشروعه الخاص. في زاوية داخل مبنى بلدية الجيّة، مخصصة للجنة الشبابية، انتظرنا محمّد، وبيده ملف عن مشروعه الذي يطلب من البلدية مساعدته مادياً في إنشائه، وتبلغ كلفته 1200 دولار. محل للصوتيات «لا محل يشبهه في القرية، فإذا أردنا الحصول على كاسيت ننزل إلى صيدا أو بيروت». لم تبدأ تجربة شباب الجية مع اللجنة، فقد بادروا في الانتخابات إلى تأليف بلدية شبابية بعد شعورهم بالتهميش.
داخل مكتب رئيس البلديّة جورج القزي، يتحدّث «الريّس» عن علاقة البلدية باللجنة الشبابية: «هم تجمع حديث الولادة، سنتعاون معهم وسيشاركون في نشاطات البلدية التي يستطيعون المساعدة فيها، خصوصاً في المواضيع التي لا يحصل فيها تضارب بين عمل الشباب وعمل البلدية». ويؤكد أن الدعم من البلدية «معنوي أكثر مما هو مادي. الشباب هنا يشاركون في اتخاذ القرار الإنمائي، بينما يتحولون إلى مجرد رقم في بيروت، لا رأي له خارج غرفته». يفاجأ حين نسأله عن قبول مشروع محمد، لكنه يستدرك طالباً نسخة عن المشروع تمهيداً لدراستها «وسنقدم المساعدة قدر الإمكان». ويشير قزّي إلى صعوبة إقامة مشاريع في الجيّة لأنها «من القرى القليلة التي لا تملك متراً واحداً مشاعاً للبلدية». الجية نموذج للمشروع الكبير، والذي يهدف بحسب منظمّيه إلى تأسيس مجلس بلدي شبابي، أمامنا بعض الوقت قبل تأليفه.