إكرام شاعرامتعاض وتذمر تتكثف سحبهما في مكتب إدارة وحدات سكن الطلاب في مجمع الحدث الجامعي، ولا يفصل بين معسكر الموظفين ومعسكر الطلاب سوى مكتب خشبي يصل علوه الى الكتفين. تقترب طالبة في كلية الأعمال في الجامعة اللبنانية – سنة ثانية، تطلب من الموظف استمارة طلب لحجز غرفة في المجمع. تجيب النظارتان الغليظتان بصوت أجش: «ألم تعلمي أنه تقرر هذا العام ألا تُحجَز الغرف لطلاب إدارة الأعمال وكلية العلوم الجدد؟»، فتسأله الفتاة بتجهّم: «وماذا يمكنني أن أفعل الآن؟». تعلو نبرة النظارتين: «وهل يعنيني ماذا ستفعلين، هل هذه مشكلتي؟»، فتجيبه بهدوء: «لكنهم لم يُعلمونا بهذا القرار مسبقاً»، فيجيبها

لم يسكن أحد هنا في أيلول، لكن عليكم أن تدفعوا عن الشهرين

باستخفاف: «ولماذا لم تسكني عندنا خلال سنتك الأولى؟ كان فيلمك اللي عم بتركّبي ظبط أكتر»، قبل أن ينتقل إلى طالبة أخرى وقع خطأ في الكمبيوتر خلال إتمام معاملتها لتكتشف أنه لم يجر توزيعها مع رفيقة السكن التي قدمت معها طلباً مشتركاً قبل إخلاء غرفتهما العام الماضي بل مع طالبة أخرى. يسألها: «هذا ايصال الدفع عن أيلول، أين ايصال تشرين؟»، فتستوضح الفتاة عن سبب فرض هذه «الخوة» قائلة: «لكنني لم أسكن في أيلول في الغرفة ولن افعل حتى العشرين من تشرين!»، فيجيبها: «لم يسكن أحد هنا في أيلول، لكن عليكم جميعاً، رغم ذلك، أن تدفعوا عن الشهرين». تحدّج الفتاة في ساعتها بغضب، لكن الوقت ليس طفلاً مطواعاً حتى يجمد في مكانه من نظرة! قاربت الساعة الواحدة ظهراً. سينتهي الدوام هنا بعد دقائق وهي منذ الصباح تقفز من مكتب تسليم الغرف إلى الادارة الى الـ«ليبان بوست»، تتجاوز الطوابير، ولا يبدو أنها ستتسلّم غرفتها اليوم، بينما لا يزال الموظفان الآخران يتلذذان في الغرفة المجاورة بتناول «اللحم بعجين». أحدهما يعانق سماعة الهاتف الثابت منذ وصولها. كثير من الأهالي لن يطمئنوا هذا العام الى أن أولادهم يأوون الى فراشهم في الحادية عشر ليلاً عند إغلاق بوابات المجمّع. ففي وطن الأرز، يصعُب الحصول على سرير، حتى لو كان من خشب التشرد!