strong>راجانا حمية كانوا أربعة وكانت الأصغر بينهم. لم يكن ثمّة شيء يوحي بأنها تحمل مرض السكّريّ، الذي يصعب على صغيرة في مثل عمرها تحمّل قسوته. عندما نادوها باسمها وقفت، لكنّ قامتها الصغيرة لم يرها الجميع. صعدت إلى المنصّة وجلست إلى جانب أمها التي تعرف عن مرضها أكثر مما تعرف هي، تلعب بخُصَل شعرها الأشقر، وتنظر إلى الكاميرا التي تلاحق وجهها كلّما استدارت. كان المرض أقوى من طفولتها. بانت ملامحه بشدّة على الوجه المصفرّ والجسد المنتفخ من جرعات الأنسولين. كلهم يعرفون عن المرض، فيما هي لا تعرف إلا الاسم. فالسكّري، هو الكلمة الوحيدة التي تتقن قولها. ما عدا ذلك لا شيء: لا أنسولين ولا هبوط الدم ولا حتى الثبات السكري.
تالين حزواني (12 سنة) التي تحمل المرض منذ أحد عشر عاماً، كانت أمس من المشاركين في حفل إطلاق البرنامج التوعوي الإقليمي «حكايتي مع السكري»، الذي نظمته شركة «سانوفي أفينتيس». البرنامج يهدف إلى مناقشة مرض السكري الذي يعانيه 25 مليون شخص في الشرق الأوسط.
تالين هي واحدة من بين مئات الأطفال الذين يدهمهم المرض في سنّ الطفولة، وهو ما يسمى النوع الأول الذي يعالَج عن طريق حقن الأنسولين. أما سمير أبو جودة ومحمد، فأتاهما المرض في سنٍّ متقدمة، لذا فهو يعالَج عن طريق الحبوب والعقاقير، ويسمى النوع الثاني.
غيّر المرض فيهم. لم تعد تشبه حيواتهم حيوات الباقين، وإن كانت في الظاهر طبيعية. فهم مجبرون على التأقلم مع حياة «سكّرها زيادة». يحملون المرض وعدّته في كل لحظة من يومهم، كما تالين. الصغيرة تتميّز عن زملائها في المدرسة بأنّها تحمل في حقيبتها كتبا وأقلامأً... وحقنة أنسولين. ربما، ليست تالين ولا سمير ولا محمد هم الوحيدون المصابون بالسكري في القاعة «فلو أجرينا فحوصاً لضغط السكر في الدم، لكان الكثيرون مصابين»، يقول الدكتور سامي عازار، الاختصاصي في الصم والغدد والسكري في مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت. والسبب ارتفاع عدد الإصابات بالسكري وسهولة الإصابة به في منطقة الشرق الأوسط، حيث إنها الأضخم في العالم. وقد لفت الأطباء المحاضرون إلى ضرورة ألّا تتعدى نسبة السكر في الدم 7% كي يكون الشخص طبيعياً. وأوردوا جملة من الحلول، منها اتّباع نظام غذائي صحي، والتوعية على المرض حتى قبل الإصابة به.