يودّع اللبنانيون اليوم حواجز ضبط السرعة على الطرقات، ليستقبلوا إجراءً جديداً. رادارات متطورة سوف تضبط مخالفات السرعة، من دون تدخل مباشر، ثم يُرسل الضبط إلى عنوان إقامة المُخالف. هل ينجح الإجراء الجديد في التخفيف من حوادث السير؟ الأيام المقبلة ستكون وحدها كفيلة بالإجابة
محمد نزال، خالد الغربي
أخيراً، دخل قرار وزارة الداخلية والبلديات حيّز التنفيذ. لن يُشاهد اللبنانيون ابتداءً من اليوم حواجز ضبط سرعة على الطرقات، إذ ستحلّ مكانها رادارات تصوّر المركبات المخالفة، ثم يُحرر الضبط بناء على الصورة ويُرسل إلى عنوان المُخالف. هذا ما أعلنته المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي في بيان لها أول من أمس، مشيرة إلى أنه عند تعذر تبليغ المخالف على عنوان سكنه، يُرسل المحضر مع الصورة إلى القضاء المختص. هكذا، يدخل على لبنان ابتداءً من اليوم إجراء جديد، ربما بات قديماً لدى كثير من الدول، ولكن أن يأتي متأخراً خير من ألّا يأتي أبداً.
لهذه الغاية، أقيمت في ثكنة الحلو دورة تدريبية لضباط السير وعناصره في لبنان، اطّلعوا خلالها على الطرق المستحدثة للرادارات التي سيبدأ العمل بها يوم الإثنين (اليوم) على الطرق اللبنانية كلها، من دون الحاجة إلى تركيز حواجز ثابتة. تضمنت هذه الدورة، التي جرت في حضور مستشار وزير الداخلية والبلديات ربيع الشاعر، إيضاحات للتعرف إلى تقنيات استخدام قياس السرعة واستثمارها.
مع بداية الدورة، ألقى رئيس شعبة العلاقات العامة، الرائد جوزف مسلّم، كلمة شرح فيها أهداف الدورة لناحية الحد من مآسي حوادث السير، موضحاً كيفية ضبط مخالفات السرعة. طبعاً، مسؤولية حوادث السير مشتركة، فكما أن المواطن يطالب القوى الأمنية القيام بدورها، فإن هذه الأخيرة وعلى لسان الرائد مسلّم قد ناشدت المواطنين السائقين «التقيّد بأحكام قانون السير من أجل المحافظة على السلامة العامة»، لفت الرائد مسلم إلى أن قيمة محضر ضبط مخالفة السرعة في قانون السير الحالي هي 50 ألف ليرة، أما في مشروع قانون السير الجديد (الذي لم يُقرّ بعد) فتبدأ قيمة هذه المخالفة بـ50 ألف ليرة وصولاً إلى خمسة ملايين، فإلى الحبس ومنع السائق من القيادة حتى ستة أشهر تبعاً لمخالفة السرعة الزائدة، معللاً أسباب هذه التدابير المُنتظرة بالتقليل من سقوط الضحايا وإراقة الدماء والحد من الخسائر المأساوية على الطرقات.
في هذا السياق، يبرز سؤال عمّا إذا كان بإمكان البعض التفلت من هذه الرادارات، وخصوصاً أن اللبناني، برأي البعض، شاطر في هذا المجال و«لعّيب وحربوق؟».
يجيب المهندس الياس الحاج، الخبير في هذا المجال، مؤكداً أن ليس بإمكان المخالفين الإفلات من الرادار، نظراً لتطوره الفائق.

السرعة القصوى المسموح بها هي 100 كلم في الساعة على الأوتوسترادات
الحاج الذي كان حاضراً في الدورة التدريبية، ممثلاً لشركة «سورس روبورت» ألقى كلمة أشار فيها إلى أهمية الرادارات المستعملة في أنحاء العالم، قبل أن يتطرق بالتفصيل إلى طريقة عمله، معرباً عن أمله أن يكون لاستخدامه دور في الحد من حوادث السير.
بما أن الخطوة الجديدة تأتي في سياق الإجراءات التكنولوجية، فقد قررت القوى الأمنية إدخال الشبكة العنكبوتية (الإنترنت) في هذا المجال أيضاً، حيث بات بإمكان المواطن الدخول إلى الموقع الإلكتروني www.isf.gov.lb وإدخال رقم مركبته في الخانة المخصّصة، وذلك للتأكد ما إذا كان في حقه مخالفة سرعة زائدة ضبطها الرادار، علماً أنه بكل الأحوال سيبلغ بهذه المخالفة تبعاً لمكان إقامته حسب أصول التبليغ المعتمدة. تجدر الإشارة إلى أن السرعة القصوى المسموح بها هي 100 كلم في الساعة على الأوتوسترادات، و50 كلم داخل المدن، وذلك في حال عدم وجود لافتات تحدد السرعة.
لن توضع الرادارات حصراً في منطقة واحدة، فهي على نوعين، منها ما سوف يثبّت في مكانه، وبعضها الآخر يوضع داخل سيارة وينُقل من مكان إلى آخر. هذا الإجراء سيعمّ كل الأراضي اللبنانية. في الجنوب على سبيل المثال، وبحسب ما علمت «الأخبار»، ستكون هناك 6 رادارات منتشرة من مدخل صيدا الجنوبي (بلدة الغازية) حتى منطقة ابو الاسود ـــــ مدخل صور الشمالي، أي على مسافة 20 كلم تقريباً، إضافة إلى رادرات أخرى وضعت على طريق النبطية ـــــ مرجعيون، فهذه الطرقات لطالما سقط عليها قتلى وجرحى في حوادث سير.
عبث مواطنون بلوحات السرعة الموضوعة على الطرقات، البعض قام مثلاً بكتابة رقم 1 إلى جانب رقم 80 ليصبح الرقم 180، لكن رغم هذا التصرف اللامسؤول فإن خطوة وضع الرادارات قد لاقت ترحيب السائقين عموماً، فالمواطن معروف الحلبي الذي يتنقل كثيراً على الطرقات، رأى في الخطوة شيئاً إيجابياً، لكنه لفت إلى وجود مخالفات أخرى تستحق عناء الدولة وسهرها أيضاً، منها مراقبة حمولات الشاحنات الكبيرة، ولا سيما تلك التي تحمل كتلاً صخرية ضخمة، ما يُعرض السائقين بقربها إلى الخطر، ولذلك فإن الرادارات مهمة، لكن هناك أمور أخرى أيضاً.


لقطة

دعا نقيب مكاتب السَّوق حسين غندور، في اجتماع طارئ أمس، إلى «وضع حد لفلتان قيادة الشاحنات على الطرقات الرئيسية والدولية، التي تؤدي في العديد من الأوقات إلى وقوع حوادث بسبب الحمولة الزائدة»، مطالباً قوى الأمن الداخلي باتخاذ إجراءات رادعة حفاظاً على سلامة المواطنين والسائقين. وأعلن غندور أنّ النقابة «اتخذت قراراً رفضت فيه مشروع قانون السير الجديد، لارتباطه بشركات خاصة، وخصوصاً في ما يتعلق بالمعاينة الميكانيكية وعدادات الوقوف التي لا تذهب أموالها للخزينة»، مناشداً لجنة المال والموازنة فتح تحقيق بالأمر. يُشار إلى أن طريق الشام الدولية، التي تربط العاصمة بيروت بمنطقة البقاع، تشهد حركة نشطة للشاحنات الكبيرة، التي يقودها البعض بسرعة جنونية، حيث تشير الإحصاءات إلى عدد كبير من الحوادث على هذا الطريق.


حلول لمشكلة وكالات بيع الآليات

مع دخول الإجراء الجديد لضبط السرعة على طرقات لبنان حيّز التنفيذ، من خلال الرادارات التي تُرسل صوراً للمخالفة يُحرر محضر الضبط على أساسها، فإن عدداً من المتابعين لشؤون السير رأوا أن ثمة نتائج سلبية يمكن أن تطرأ في هذا المجال. على سبيل المثال، تُباع في لبنان السيارات والآليات بموجب وكالة بيع لدى كتّاب العدل، وفي بعض الأحيان لا يُسجل المالك الجديد الآلية على اسمه لدى دوائر تسجيل السيارات؛ ففي هذه الحالة، عند حصول مخالفة سرعة من جانبه، فإن المحضر سيُرسل إلى عنوان المالك القديم للآلية. لذلك يرى الخبراء أنه لحل هذه المشكلة لا بد من ربط وكالات البيع بدوائر تسجيل السيارات مباشرة، أو تمكين البائع من أخذ نسخة عن وكالة البيع التي أجريت عند كاتب العدل إلى دوائر تسجيل السيارات.