ينتظر أساتذة معهد الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية خطوات إجرائية تعيد الثقة إلى صدقية نتائج مباراة الدخول. رئيس الجامعة وعد، على الأقل، بالمعالجة وفق الأصول، فهل يفتح تحقيقاً بالتلاعب ويوقف تسجيل الطلاب «غير الشرعيين؟»
فاتن الحاج
«ما عرفت شو الموضوع! بدّي شوف العميد الثلاثاء المقبل لنعالج القضية وفق الأصول». علّق رئيس الجامعة اللبنانية د. زهير شكر، على تحقيق «الأخبار» بشأن فضيحة نتائج مباراة الدخول إلى معهد الفنون الجميلة. ولفت «الرئيس»، في اتصال معه، إلى أنّه سيلتقي العميد د. هاشم الأيوبي ليطّلع منه على حقيقة ما جرى، وخصوصاً أنّه قرأ في الجريدة عن «الكتاب الذي رفعه العميد إلى مدير الفرع الرابع ويضم ثمانية مرشحين لا يراعون ترتيب النجاح، كذلك بالنسبة إلى الطلاب الـ11 الذين انتقلوا من الفرعين الأول والثاني إلى الفرع الرابع لسد الشواغر في قسم الهندسة الداخلية»، إذ إنّ كل ما وافق عليه الرئيس، كما يقول، هو الطلاب العشرون الذين أضيفت أسماؤهم، بعد صدور النتائج، إلى المقبولين في قسم الهندسة المعمارية في الفرع الأول. والحجة أن «هؤلاء ناجحون ضمن التراتبية وعدد المرشحين كان كبيراً والمعهد يستوعب الإضافات»، كما يقول. لكن «هل يؤلف الرئيس لجنة للتحقيق بالقضية؟»؟ لا يملك شكر جواباً جاهزاً: «رح إسمع العميد لَنصيغ الحل».
وقد أبدى عدد كبير من أساتذة المعهد استغرابهم عدم مبادرة رئيس الجامعة ووزير التربية حسن منيمنة إلى اتخاذ أي خطوة إجرائية حتى الآن، كأن «ما حصل طبيعي ولا يمسّ صدقية المعهد والعلاقة مع نقابة المهندسين، ولا سيما بالنسبة إلى طلاب قسم الهندسة المعمارية الذين يحق لهم دون سواهم من الاختصاصات الأخرى في المعهد، الانتساب إلى النقابة». الأساتذة بصدد التحرك، كما قالوا، «حفاظاً على المستوى الأكاديمي للمعهد، الواجهة الثقافية للبلد». أما الطلاب فيعدّون هم أيضاً لإقامة دعاوى بسبب حصولهم على علامات أعلى من علامات عدد من المقبولين.
يطالبنا العميد الأيوبي، في بيان وصلنا منه ردّاً على مقالنا الأول، بأن ندلّه على حالة تلاعب واحدة بالنتائج، لذا فإننا نحيله مجدداً إلى الكتاب الذي كشفت عنه «الأخبار» والذي يضم 8 طلاب لا يسمح لهم ترتيبهم، ولو كانوا من الناجحين، بدخول المعهد، وبالتالي هناك أكثر من دليل، ولوائح النتائج التي بين أيدينا تشير إلى الظلم الذي لحق بعشرات الطلاب نتيجة «تمرير» تسجيل الطلاب الثمانية في الفرع الرابع. وسنذكر على سبيل المثال نموذجين للرأي العام عن النهج المتبع: في قسم الفنون الإعلانية والتواصل البصري في الفرع الثاني، نال آخر المقبولين، بحسب الرقم الذي حدده مجلس الوحدة، 77.5 /100، أما العميد فقد اختار على «لائحته» كلّاً من ه. ك (68.00/100) ون. أ (65.50 /)100 أي أنّ هناك طلاباً نالوا بين المعدل الأول والمعدل الثاني وبين المعدل الثاني والمعدل الثالث ولم يدخلوا المعهد. مَثل آخر في قسم الهندسة المعمارية في الفرع الثالث يشير إلى أنّ آخر المقبولين وفق المطلوب نال 79.50/ 100، فيما حاز كل من (ع. أ) على اللائحة «المفبركة» 76.50 /100 و(د.د) 74.50/100. ويسأل العميد في بيانه «أين الواسطة والمحسوبيات إذا رسب في المباراة كل من ابنة منسّق البرامج وأحد الذين يشاركون في وضع الأسئلة وابن رئيسة شؤون الطلاب في أحد الفروع وابنة عميدة في الجامعة اللبنانية وابن أحد الوزراء والذي زاد احترامه عندي لأن أحداً لم يعرف أن ابنه قد تقدم للمباراة وعندها لم يحالفه الحظ». هل يفيد أن نذكّر العميد بأنّ اثنين من الذين اختارهم على اللائحة ـــــ الفضيحة هم من عائلته (الأيوبي) وأنّ إحدى الطالبات زكّتها موظفة تعمل في رئاسة الجامعة، وثمة طالب رابع محسوب على أحد النواب إلخ. أما القول بأنّه لم ينقل طالب واحد إلى الفرع الرابع إن كان في هذا الفرع مَن يحمل علامات أعلى منه، وأين الكارثة إذا حصل طالب على مكان شاغر في فرع لم يزاحمه أحد فيه أفضل منه، فهذا بالطبع التفاف على المبدأ لأنّ في حوزة العميد نتائج الفروع كلها وبإمكانه معرفة من نال المعدل الأعلى.
ثم، إذا كان العميد جاداً في نيّته تغيير نظام المباراة، كما جاء في بيان الرد، أي أن يقبل الناجحون بحسب الفروع مجتمعة لا بحسب كل فرع، فلماذا لم يغيّره حتى الآن؟ علماً بأنّ رئيس الجامعة زهير شكر طلب ذلك منه مراراً، على الأقل وفقاً لما قاله الرئيس لـ«الأخبار». وهل هي حجة كافية لعدم تغيير ما يتحدث عنه الأيوبي لجهة أنّ ما حدث بعد اقتراح الرئيس السابق ابراهيم قبيسي اعتماد معدل 10/20 هو أنّ بعض الفروع لم يقبل من مرشحيها العدد المطلوب؟
وكيف لا يكون الكتاب ـــــ الوثيقة سرياً، كما يزعم العميد في بيانه، وهو ليس رسمياً، إذ لا يدل إلى أنّه قرار أو تعميم أو مذكرة، كما أنّه لا يحمل رقماً وارداً يشير إلى أنّه مسجل ولم يتبلغ بها أحد كما هي العادة في المراسلات الرسمية؟ وهل تكون هذه الأخيرة بالتشاور بين العميد ومدير واحد من دون العودة إلى مجلس الوحدة المؤلف من المديرين الآخرين وممثلي الأساتذة؟ ومنذ متى تبدأ القرارات الرسمية بالتحية وتنتهي بالإشارات اللطيفة وعبارات الرجاء والتفخيم مثل «مع كامل الثقة بوساعة صدركم ووساعة أمكنتكم»، وبحسب معلوماتنا المتواضعة فإنّ مثل هذه العبارات تأتي من المرؤوس إلى الرئيس وليس العكس، كما أنّ القوانين والأنظمة هي التي ترعى طريقة التعامل بين العميد والمدير وبين المديرين.
لقد فاجأنا العميد بوصف مقالنا الأول بالمخابراتي في وقت نمارس فيه عملنا الإعلامي. ثم إنّ المقال لا علاقة له من قريب ولا من بعيد بالقرار الظني والمحكمة والدولية، كما قال العميد في بيانه. أما الحديث عن «خلفيات شخصية وسياسية للتحقيق ومعروف من وراءه»، فحبذا لو أنّ العميد وفّر علينا وذكر لنا من وراء هذا التحقيق.


افتراء أم فضيحة؟

جاءنا من مدير الفرع الرابع في معهد الفنون محمد الحاج ردّ يتحدث فيه عن افتراء على إدارة المعهد بالتلاعب بالنتائج، فيما كان التحقيق يستند إلى وثيقة ـــــ فضيحة كانت كافية لإثارة القضية. يوضح الحاج في بيانه أنّ أسماء المقبولين أعلنت على الموقع الإلكتروني. نسأل أولاً لماذا سحب المسؤولون النتائج عن «الإنترنت» فور علمهم بتحقيق «الأخبار»، كما أنّ المقال يشير بوضوح إلى أنّ إعلان النتائج جرى قبل التلاعب، إلّا إذا كان مديرنا يريد أن يقرأ بسوء نية، وهو ما فعله أيضاً حين ذكر في رده أنّ «الأخبار» حصلت على نسخة من الكتاب منه شخصياً، علماً بأنّه لم يسبق لأحد من الصحافيين أن أفصح عن مصادره، وكل ما في الأمر أنّ عبارة «حصلت «الأخبار» على نسخة منه» كانت جملة اعتراضية بين جملتين: الأولى «الأيوبي طلب في كتاب» والثانية «من مدير الفرع الرابع».