هل يشنّ السفير الإسرائيلي هجوماً أثناء مناقشة لبنان لسجلّه في حقوق الإنسان بجنيف الأربعاء المقبل؟ الأمر متوقع، لكن هل يمتلك الوفد اللبناني زمام المبادرة؟
جنيف ــ بسام القنطار
أكثر من ستين دولة سجلت اسمها لتقديم أسئلة وتوصيات إلى الحكومة اللبنانية أثناء مناقشة المراجعة الدورية الشاملة لسجل لبنان في حقوق الإنسان يوم الأربعاء المقبل في جنيف. معظم المواضيع التي ستطرحها الدول هي أصلاً مواضيع ساخنة في لبنان، وتحتل حيزاً واسعاً من النقاش، بدءاً بموضوع إلغاء عقوبة الإعدام، مروراً بموضوع التمييز بحق المرأة، ولا سيما في قانون الجنسية وقوانين الأحوال الشخصية، إلى قضية سوء معاملة العاملات الأجنبيات، والأوضاع الاجتماعية والاقتصادية المتعلقة باللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وانعكاس مقولة «لبنان ليس بلد لجوء» على أوضاع بقية اللاجئين غير الفلسطينين، ولا سيما اللاجئون العراقيون والسودانيون.
لكن ماذا عن مضمون مداخلة السفير الإسرائيلي أهارون ليشنو يار، الذي سجل دوره للحديث عن سجل لبنان في حقوق الإنسان؟ فوفقاً للنظام المتّبَع في مجلس حقوق الإنسان، يسمح بـ١٢٠ ثانية لكل دولة للتحدث أمام أعضاء المجلس. سيناريوات عديدة متوقعة لمضمون مداخلة إسرائيل، فلقد ورد في الفقرة الثانية من مقدمة التقرير الوطني اللبناني أن «إنشاء الكيان الصهيوني على الأرض الفلسطينية وتهجير إسرائيل الفلسطينيين قسراً من بيوتهم وأراضيهم وإنكار حق عودتهم إلى ديارهم التي هجّروا منها بقوة السلاح، كل ذلك أدى إلى نشوب الصراع العربي الإسرائيلي الذي أدخل منطقة الشرق الأوسط في سلسلة من الأزمات والمشاكل المتلاحقة». وإذ ليس من المسموح التدخل في مضمون الورقة اللبنانية، يتوقع أن تثير إسرائيل ورود عبارة «الكيان الصهيوني»، وخصوصاً أن أحد الدبلوماسيين الإسرائيليين أثار المسألة شفهياً مع سكريتاريا الأمم المتحدة. أما بقية المداخلة، فيتوقع أن تتضمن توصية ببسط لبنان سلطته على كامل الأراضي اللبنانية ونزع سلاح حزب الله، إضافة إلى تسجيل بعض النقاط بالتزامات لبنان بحقوق الإنسان وفق المعاهدات الدولية.
وفيما تسجل هذه المداخلة في التقرير النهائي الذي سيُتبنّى يوم الجمعة المقبل، ليس مستبعداً أن يطالب الوفد اللبناني بنقطة نظام ويطالب بشطب عبارات من المداخلة الإسرائيلية إذا تضمنت خلفية سياسية تتعارض مع موضوع التقرير اللبناني المرتبط حصراً بقضايا حقوق الإنسان.
في المقابل، يستعد الوفد اللبناني لتوزيع الأدوار وتقديم الإجابات عن الأسئلة والتوصيات التي ستُطرَح؛ إذ سيتولى رئيس الوفد، الأمين العام لوزارة الخارجية وليم حبيب، الإجابة عن التوصيات العامة المتعلقة بالأولويات الوطنية والمبادرات والالتزامات، ويتوقع أن يقدم عدد من أعضاء الوفد مداخلات تتعلق بمواضيع محددة. ويضم الوفد الرسمي كلاً من د. فاديا كيوان من اللجنة الوطنية للمرأة، مريم مغامس من وزارة الشؤون الاجتماعية، لارا كرم ومرلين الجر من وزارة العدل، زياد قائد بيه وجمانة دانيال من وزارة الداخلية، إضافة إلى ضابطين من وزارة الدفاع لم يُعلن اسماهما بعد. ويعاون الأمين العام للخارجية رئيسة البعثة اللبنانية في الأمم المتحدة في جنيف، السفيرة نجلا عساكر، والدبلوماسيون رنا المقدم، بشير عزام، أحمد عرفة حسن صالح، ميرنا خولي، زياد عيتاني، وعلي غزاوي.
وقبل يوم من عرض التقرير اللبناني، تنظم مؤسسة فردريتش ايبرت بالتعاون مع عدد من الجمعيات الأهلية اللبنانية ندوة عن لبنان تتضمن عرضاً لما ورد في عدد من التقارير غير الحكومية اللبنانية والتحفظات التي تسجلها على ما ورد في التقرير اللبناني.
وفي خلاصة المراجعة، يتوقع أن يقبل الوفد اللبناني مجموعة من التوصيات أهمها إنشاء مؤسسة وطنية لحقوق الإنسان وفق ما تقتضيه معاهدة باريس. التوصية المتعلقة باستكمال الورشة التشريعية في ما يتعلق بتعديل القوانين اللبنانية المتعلقة بحقوق اللاجئين الفلسطينيين، مع التحفظ على قانون التملك.
أما التوصيات التي ستُرفَض، فهي تتعلق بطلب إزالة التحفظات على اتفاقية إلغاء جميع أشكال التمييز بحق المرأة، ولا سيما في ما يتعلق بقانون الجنسية وحق المرأة اللبنانية بمنح جنسيتها لزوجها وأولادها. كذلك سيرحب لبنان بالتوصيات المتعلقة بالتصديق على اتفاقية حقوق المعوقين واستكمال عرض التقارير المتعلقة بالعهد الدولي الخاص للحقوق الاقتصادية والثقافية والبروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب. أما التوصية المتعلقة بتوجيه دعوة مفتوحة لجميع المقررين الخاصين المعنيين بآليات حقوق الإنسان، فيتوقع أن يكتفي لبنان بتأكيد تعاونه وانفتاحه في هذه المسألة، من دون بتّ توجيه دعوة مفتوحة ودائمة.