ينتشر في قصر عدل بيروت عشرات العسكريين. يتوزّعون بين النظارة ودورية لمفرزة الاستقصاء ومجموعة حماية القصر التي تتولى حماية مداخل العدلية ومخارجها، فضلاً عن وزارة العدل، تحسّباً لأي تهديد. التحقيق يضيء على المهام والتحديات
رضوان مرتضى
يطالعك، عندما يجول نظرك في مداخل قصر العدل في بيروت، عدد من عناصر قوى الأمن بلباسهم المرقّط. ينتشرون على المداخل المؤدية الى أروقة القصر. تقترب من أحدها محاولاً الدخول فيطلب منك أحد العسكريين إبراز أوراقك الثبوتية. تُعطيه بطاقة الهوية فينظر فيها قبل أن يعيد بصره نحوك مجدداً للتأكد أن الصورة تعود لك. يُسجّل الاسم ثم يعيد البطاقة طالباً منك أن تُخرج ما في جيبك من مفاتيح أو هاتف خلوي قبل أن تمرّ أسفل الجهاز الكاشف للمعادن. تمرّ بسلام فتُكمل رحلتك داخل قصر العدل أو يصار إلى تفتيشك يدوياً إن أطلق الجهاز صفّارة إنذاره.
أربعون عسكرياً يؤلفون ما يُعرف بـ«مجموعة حماية القصر». تتولى هذه المجموعة مراقبة وحماية مداخل العدلية ومخارجها تحسّباً لأي تهديد قد يطرأ. كما يدخل ضمن مهامها حماية وزارة العدل ومبنى بيت المحامي. يُعزّز عديد هذه المجموعة مع بدء كل سنة قضائية لتدارك المشكلات التي واجهتهم في السنة التي سبقت. كذلك يصار إلى إعادة هيكلة العناصر وتوزيعهم للبدء بخطة أمنية لسد الثغر. تتبع هذه المجموعة لفوج الإدارات العامة في جهاز أمن السفارات والإدارات والمؤسسات العامة بإمرة العميد عدنان اللقيس. وتعمل بالتعاون معها دورية لمفرزة الاستقصاء المركزي التابعة لجهاز أمن السفارات بإمرة الرائد مالك أيوب بالوكالة، فضلاً عن عناصر النظارة الذين يتولون الاهتمام بالموقوفين الذين يجري سوقهم من سجون المناطق لحضور المحاكمات. يتحدّث آمر المجموعة الملازم أول الياس البدادوني لـ«الأخبار»، فيشير الى أنه جرى التركيز على المجموعة بعد عملية اغتيال القضاة الأربعة على قوس المحكمة في صيدا. ويُعدّد آمر المجموعة المهام المكلّفة بها مجموعته التي تتفاوت بين حراسة المداخل التي تؤدي الى قصر العدل وتأمين الحراسة لقاعات المحكمة، بالإضافة الى مسك سجل تدوّن فيه حركة الدخول والخروج، فضلاً عن تسلم الأسلحة من العسكريين الداخلين الى حرم القصر. في المقابل، يتحدّث متابع لملف الحماية في القصر، فيشير الى أنه منذ آب 2007، وتحديداً بعد انتقال متابعة قضية «فتح الإسلام» وأحداث الشمال من المحكمة العسكرية إلى المجلس العدلي، وبالتالي انتقال الملف إلى دائرتي النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا وقاضي التحقيق العدلي غسان عويدات، ارتفعت وتيرة الإجراءات الأمنية. فصار عناصر أمن قصر العدل يستخدمون آلات كشف المتفجرات التي زودتهم إياها وزارة العدل. إضافة إلى أن عدداً من الكلاب المدربة موجودة غالباً في موقف السيارات، ويستخدم رجال الأمن هذه الكلاب خلال دورياتهم في الموقف المذكور للتثبت من خلو السيارات من أي مواد متفجرة.
أما الأشخاص الذين يدخلون مشياً إلى القصر، فيطلب منهم إبراز بطاقات الهوية، وتسجّل أسماؤهم قبل أن يمرّوا عبر قوس كشف المعادن، وعند ظهور إنذار بوجود معدن ما، فإن عنصراً أمنياً يقوم بالتفتيش يدوياً. كذلك تتولى موظّفتان متعاقدتان مع المديرية العامة للأمن الداخلي تفتيش النساء. أما في محيط

بعد انتقال متابعة قضية «فتح الإسلام» وأحداث الشمال إلى المجلس العدلي ارتفعت وتيرة الإجراءات الأمنية
القصر، وحيث عدد كبير من المباني المهجورة ومواقف السيارات، فينفّذ عناصر أمنيون، وبحسب ما ذكر مسؤول أمني لـ«الأخبار»، مسحاً أمنياً تُجَدّد معلوماته دورياً، ويشمل السكان وأصحاب المؤسسات التجارية المحيطة، في محاولة لمنع أي اختراق. لكن الطرق المحيطة بقصر العدل، وخصوصاً على الجهة الغربية منه، تبدو خالية أكثر الأحيان من أي دوريات أمنية ظاهرة.
يذكر الملازم أول البدادوني أنه قد أُنشئت أخيراً غرفة كاميرات لمراقبة المداخل الداخلية والخارجية والباحة الرئيسية، فُصل لها ستة عناصر تم تدريبهم لتوفير الرقابة على العدلية على مدار 24 ساعة بنظام خدمة يومَي عمل مقابل يومَي استراحة. كما يشير الى تسيير دورية لخبراء متفجرات صباح كل يوم لإجراء مسح شامل داخل القصر والتثبت من خلوّه من المتفجرات. أما التهديدات التي تواجه العسكريين العاملين داخل قصر العدل، فيشير الملازم أول البدادوني الى أنها تنحصر بمعلومات أمنية ترد الى المديرية حول تهديد مجموعات إرهابية لقصر العدل أو ما يتردد بين الحين والآخر عن احتمال افتعال أعمال أمنية لتهريب موقوفين سيجري سوقهم الى محاكم الجنايات في قصر العدل. يضاف الى ذلك التخوّف من إمكان تهريب السلاح الى قصر العدل، فضلاً عن احتمال انتحال أشخاص لصفات أمنية أو تزوير بطاقة نقابة المحامين الذي هو أمر فائق السهولة. يختم قائد المجموعة بأن المهام تُنفّذ على أكمل وجه لكن الحامي يبقى هو الله.
يشار الى أن الملازم أول الياس البدادوني انتقل الى إمرة مجموعة حماية قصر عدل بيروت منذ ثلاثة أشهر، بعدما كان قد شغل منصب آمر فصيلة سفارات بعبدا لأربع سنوات.


لقطة

يدخل المحامون الذين صاروا معروفين لدى عناصر مجموعة حماية قصر العدل من دون تفتيش. أما المحامون الجدد فيُطلب منهم إبراز بطاقة الانتساب الى النقابة للتثبت من هوياتهم. وفي هذا السياق، يذكر أحد الأمنيين أنه يتخوّف من تهريب الممنوعات أو الاسلحة عبر انتحال صفة محام أو صفة أمنية، ويشير المسؤول الأمني الى أنه يحق للضابط المسؤول طلب بطاقة أي شخص يشتبه فيه، فضلاً عن مخابرة نقابة المحامين للتثبت من صحّة بطاقته، علماً أنه قد سبق أن أوقف شخص يحمل بطاقة محام مزوّرة من دون أن يُعثر بحوزته على أي ممنوعات. ولفت المسؤول المذكور الى أنه تبيّن أن المشتبه فيه يحمل بطاقة المحاماة المزوّرة من باب الوجاهة وفق ما أدلى به خلال إجراء التحقيق معه.


مداخل قصر العدل غرباً وشرقاً

قصر العدل في بيروت هو مقر الهيئات القضائية العليا، فيه محكمة التمييز ومكاتب قضاة المجلس العدلي والنائب العام التمييزي. تعقد فيه الاجتماعات بين لجنة التحقيق الدولية والقضاء اللبناني. للقصر ثلاثة مداخل للسيارات: مدخل القضاة والمحامين، والمدخل المتصل بموقف نقابة المحامين غرباً المخصص للمحامين والموظفين والصحافيين، ومدخل نظارة قصر العدل المخصص للمحامين والموظفين والصحافيين وموظفي وزارة العدل. يضاف مدخل آخر للمشاة هو مدخل مخفر قصر العدل. تتشدد على المداخل المجموعة الأمنية المؤلفة من نحو 40 عنصراً.ً يفتشون السيارات، ولا يستثنون منها سيارات القضاة أو المحامين، ما عدا سيارات عدد محدود، التي يتولى حراستها وتفتيشها عناصر الأمن المكلفون حماية هؤلاء القضاة.