مهى زراقطفي لبنان 42 اتحاداً بلدياً، تنضوي فيها نحو 565 بلدية، أي ما يقارب 60% من بلديات لبنان. يعدّ هذا العدد، المرشّح للارتفاع، جيداً وإيجابياً بالنسبة إلى عمل السلطة المحلية.
تشير الكثير من الأبحاث والدراسات إلى الدور الكبير الملقى على عاتق الاتحادات البلدية، وأهمية وجودها، وخصوصاً مع استمرار ولادة بلديات صغيرة غير قادرة على الحياة. فمن المعروف أن الاتحاد، الذي يضمّ بلديات صغيرة غير قادرة على سدّ احتياجاتها من المبالغ القليلة التي تحصل عليها من الصندوق البلدي المستقل، يمكنه المساعدة في تغطية نفقات جمع النفايات مثلاً أو الشرطة، إضافة إلى قدرته على إيجاد تمويل لمشاريع تنموية من خلال موقعه وصلاحياته التي يتمتع بها.
وفي ظلّ الحديث المتكرّر عن قانون اللامركزية الإدارية، يتوقع أن يكون للاتحادات البلدية دور أساسي في أيّ مشروع قانون يفعّل عمل السلطات المحلية ويعزّز دورها.
إلا أن هذه المعلومات البديهية عن عمل الاتحادات تصطدم بمجموعة من العقبات التي تجعل من الصعب على المتابع توقع نجاح معظم الاتحادات الموجودة حالياً في مهماتها، سواء لأسباب تتعلق بخلفيات تأسيسها من جهة، أو لغياب الموارد الإدارية والتنظيمية التي تساعد من يرغب جدياً في العمل على القيام بها.
لا يخفى على أحد أن الاتحادات البلدية مثّلت أساس المعارك الانتخابية الأخيرة، على الرغم من كلّ ما قيل عن تحالفات واسعة عُقدت بين أطراف متناقضة. وهذا يقدّم إشارة إلى الحساسية التي تتعامل بها الأطراف السياسية باختلاف انتماءاتها مع الاتحادات البلدية، والتي تكشف عنها بعض الأرقام والإحصاءات.
من الغريب مثلاً أن نعرف أن أعداد البلديات المنضوية في اتحادات تتفاوت، لتكون 3 بلديات في اتحاد (الضاحية الجنوبية، الفيحاء والشلال) وصولاً إلى 50 بلدية (صور) في اتحاد آخر، وخصوصاً إذا علمنا أن بعض هذه الاتحادات متلاصقة ولا أسباب جغرافية أو تنموية مقنعة تبرّر انفصالها... فيما تفعل ذلك الخلفيات المذهبية والطائفية.
ونجد غريباً أيضاً أن ترفض بعض الاتحادات فتح باب الانتساب لبلديات جديدة تنضوي فيه، لأسباب طائفية حيناً، ومادية حيناً آخر. فبعض البلديات الكبيرة ترفض أن تتحمّل من موازنتها كلفة الاهتمام بقرى صغيرة محيطة بها، لن تستطيع مدّ صندوق الاتحاد بالمال.
إلا أن المشكلة الأبرز تكمن في غياب الكادر الوظيفي الذي يسمح لهذه البلديات بالعمل فعلياً، بحيث لا يقتصر وجوده على أوراق رسمية أو مكتب خال من المستندات، كما هي الحال فعلاً في بعض الاتحادات.
هذه غيض من فيض التحديات التي تواجه الاتحادات البلديات، التي تفتح «الأخبار» ملفها ابتداءً من اليوم، محاولة تقديم عرض شامل لواقعها، تحدياتها والإنجازات التي تطمح إليها.