بعد غد الجمعة، ستجرى انتخابات الجامعة اليسوعية. المعركة «عالمنخار» بين طرفي المنافسة «التيار الوطني الحر» والقوات اللبنانية. فإما أن يعزز التيار مواقعه، وإما أن تستكمل القوات التقدّم الذي حصدته العام الماضي. وبعدما حسمت نتائج بعض الكليات بالتزكية ككليّة التأمين للقوات، والسنة الخامسة في كلية العلوم للتيار، يبدو الطرفان واثقين من الفوز، في ظل مقاطعة طلاب منظمة الشباب التقدمي للانتخابات
محمد محسن
القانون الانتخابي النسبي في الجامعة اليسوعية لا يرضي أي طرف. الكلّ يدخل المعركة بنبض قوي ويستعد لها، واصلاً الليل بالنهار. بعض الكليّات حُسمت بالتزكية والتوافق، لكن الكثير منها تنتظره معارك كسر عظم طالبي. حالياً، يعكف مندوبو التنظيمات السياسية على جمع الأصوات وتحديد نتائج الانتخابات سلفاً. أما طلاب منظمة الشباب التقدمي فقد حسموا مقاطعة الانتخابات ترشيحاً واقتراعاً. والسبب، يقول باسل العود، مسؤول الجامعات الخاصة في الأمانة العامة للمنظمة، إنّ المقاطعة تنسجم مع موقف الحزب في تجنب التوتر وتحييد البلد. ويوضح أن «هذا الأمر ينطبق على الجامعات التي لا تغيّر مشاركتهم في انتخاباتها معادلات سياسية». لكن، ماذا عن الجامعات الأخرى مثل الأميركية واللبنانية الأميركية؟ يلفت المسؤول الطالبي إلى أنّ المنظمة حسمت مشاركتها من دون أن تحسم تحالفاتها، لكنها ستخوض الانتخابات تحت شعار التواصل وسياسة اليد الممدودة «لا مع 14 ولا مع 8 آذار».
هذه بعض عناصر الصورة الأولية للانتخابات الطالبية التي ستجرى بعد غد الجمعة، في المجمّعات الأربعة للجامعة اليسوعية. يكفي عرض سريع لنتائج انتخابات العام الماضي، لمعرفة أهمية الاستحقاق بالنسبة إلى الطلاب. يومها، تقدّمت القوات اللبنانية باتجاه كليات كانت تُعدّ قلاعاً للتيار الوطني الحر. وفي الوقت ذاته، حصد التيار عدداً أكبر من المندوبين داخل الكليات، لكن القانون النسبي أعطى، برأيهم، العدد الأكبر من الكليات لمصلحة تحالف قوى 14 آذار بقيادة القوات.
تبدو الصورة هذا العام كالآتي: الجميع يجهد للحفاظ على كليّاته التي حصدها في العام الماضي. عين القواتيين تتجه صوب كلية العلوم الطبيّة التي اعتاد التيار أن يفوز بمقاعدها بسهولة. أمّا التيار فأمامه تحدّ لاستعادة كليات كان يُعدّ نفسه «والدها» كالاقتصاد والهندسة وعدد من كليات مجمّع الآداب والعلوم الإنسانية. وبين التيار والقوّات، ثمّة لاعب انتخابي لم يعد بالإمكان إغفال حجمه في أي انتخابات طالبية في الجامعة: «تحالف المقاومة» الذي يضم «التعبئة التربوية لحزب الله ومكتب الشباب والرياضة لحركة أمل»، إضافة إلى طلاب الحزب السوري القومي الاجتماعي. تيار بدأ يتنامى وجوده في اليسوعية وهو يقف حليفاً قويّاً للعونيين.
تستعد إذاً الجامعة اليسوعية لانتخابات مصيرية للأطراف المتنافسة طالبياً وحتى سياسياً. «نحن جاهزون للمعركة الانتخابية ونعدهم بمفاجآت»، بهذه العبارة يبدأ مسؤول الجامعات الخاصة في بيروت في التيار الوطني الحر، جان جاك مانانيان، حديثه عن الانتخابات. في إدارة الأعمال مثلاً، يتفاءل طلاب التيار بتأييد نحو 400 طالب جديد في السنة الأولى، يرون أنّهم سيحسمون النتيجة لمصلحتهم. الطموح لاستعادة كلية الاقتصاد من أيدي القوات يشغلهم أيضاً. بالنسبة إلى مانانيان، يبدو الحديث عن فوز القوات في العلوم الطبية مزاحاً «أصلاً لا وجود لهم هناك، سيدعمون بعض المستقلين»، يقول. حديثه عن العلوم الطبية تؤكده مصادر القواتيين لجهة اعتماد القوات على المستقلين لهزيمة التيار.
أمّا في مجمّع الآداب والعلوم الإنسانية، فالتيار وحلفاؤه متفائلون هذه السنة بحصد أكثر من نصف الكليات، ويعلّل مانانيان ذلك «في العام الماضي فازت القوات لأن خلافاً حصل بين أفرقاء المعارضة، هذا العام نحن متفقون وسنربحها». يجمع الطرفان على أنّ كليّة الهندسة في المنصورية ذاهبة إلى معركة واضحة، قد تعتمد على عدد قليل جداً من الأصوات. لكن ما يشغل التيار هو أن لا يعود علم فرقة الصدم إلى كلية جامعية كما تفيد مصادره. على مستوى البرامج، بات واضحاً أن الطرفين يسعيان إلى تطبيق المشاريع السياسية داخل الكليات، مطعّمة بنشاطات طلابية. وفيما يريد العونيون إعادة النشاط السياسي إلى ربوع الجامعة، يبدون انزعاجهم من الطريقة التي تتعامل بها القوات «تحريض طائفي، يعيّروننا بالتحالف مع المقاومة وكأنهم ليسوا لبنانيين، يرفعون شعارات طائفية لتضليل الطلاب. مشروعنا التغيير والإصلاح وليس التشادور البرتقالي كما يقولون»، بحسب مانانيان.
لا يخفي مسؤول الجامعات الفرنكوفونية في القوات نديم يزبك أن معركة القوات ليست مع العونيين، «بل مع طلاب حزب الله الذين أصبحوا الناخب الثاني في الجامعة» يقول. ويؤكد أن «معركة القوات سهلة، فقد ربحنا 16 كلية في العام الماضي، وسنكمل على البقيّة». ويلفت إلى أنّ القوات تقدّم عملاً طالبياً وترفيهياً، إضافة إلى عملها السياسي. في المحصّلة، القوات وحلفاؤها، ولا سيما تيار المستقبل، واثقون من المحافظة على الكليّات التي فازوا بها في العام الماضي، ويعملون لحصد قلاع التيار كإدارة الأعمال والطب. عموماً، يعرض يزبك النتائج التي تبدو القوات واثقة من الفوز بمقاعد هيئاتها: في مجمع «هوفلين» القواتيون مطمئنون لـ3 كليات من 5. في العلوم الإنسانية «نضمن 2 من 4»، بحسب يزبك، والعدد نفسه في العلوم والتكنولوجيا. أمّا في «الطبيّة» فيعد يزبك بمفاجأة قوامها كلية العلوم الطبية التي تضم 800 طالب مسيحي، إضافة إلى 5 كليات أخرى».
أمّا تيار المقاومة، فيعمل وفق خطوط عريضة لا يتردد مسؤوله علي ندر في الحديث عنها. التيار الوطني الحر في المقدمة، ونحن حلفاؤه. «نحن لا نريد إعطاء الذرائع للقوات التي تواجهنا بدعاية طائفية». وبناءً على أرقام تيار المقاومة، يضع ندر النتائج الآتية: «استعادة الآداب والعلوم الإنسانية وبقاء إدارة الأعمال والعلوم الطبيّة معنا».