ديما شريفمن المحزن تحوّل مناسبة وطنية لمصدر إزعاج لك شخصياً. فمنذ ثلاثة أيام وأنا رسمياً أكره عيد الاستقلال. بالتأكيد ستصدر الفتاوى الوطنية بحقي، عن إجازة حرقي حيّة أو تعذيبي حتى الموت بالأغاني الوطنية. لكن اسمعوا حججي أولاً.
تدأب قيادة الجيش منذ أيام بتسيير دوريات جوّية تتدرب على عرض الاستقلال الجوي. لم أعرف في حياتي شيئاً كهذا. إذ منذ بداية عهدي باحتفالات الاستقلال، أي بداية التسعينيات، كنت أرى دائماً «أشياء» تجري على الأرض. وكان ما يجري في السماء حكراً على العدو الإسرائيلي. لذلك فكلما سمعت صوت طائرة أعمد إلى الاختباء خوفاً من غارة مقبلة. وتكرر هذا الأمر مراراً هذا الأسبوع. إذ حلّقت طائرة «الهوكر هانتر» مرتين فوقي وأنا أهم بالذهاب إلى عملي، ما أعادني ثلاث ثوانٍ إلى حرب تموز الماضية. فعلاً ذعرت. وخصوصاً بعدما استطعت رؤية وجه قائد الطيارة لقربها الكبير من الأرض. أما منظر المروحيات وهي تتمرن على تشكيل الأرزة في سماء الوطن فأعادني إلى حرب مخيم نهر البارد. وقتها كنت في طرابلس وكانت مروحيات الجيش تروح وتجيء فوق منزلي متوجهة إلى المخيم، لنسمع بعدها أصوات القصف والانفجارات.
نصل إلى التصريحات المتنقلة. ألا يستطع سياسيو هذا البلد أن يتركوا مواطنيه يهنأون بعيد واحد يتفقون عليه؟ أيجب أن نسمع طيلة النهار «الاستقلال هو ثورة الأرز» أو «لم نستقل بعد فأرض الجنوب لا تزال محتلة». أرجوكم اتركوا الناس تتنفس.