ضمن برنامج الحملة التي نظّمتها لمكافحة انتشار المخدرات بين الشباب، تقدّم الهيئة الصحية الإسلامية مسرحية تمثيلية، تعرض فيها حالات الإدمان التي عاينتها
زينب صالح
مرّ شهران على إطلاق الحملة التي نظّمتها الهيئة الصحية الإسلامية ضد المخدرات. تضمّنت الحملة إقامة ندوات في عدد كبير من المدارس اللبنانية، استنتج الباحثون من خلالها أنّ بعض البرامج التلفزيونية أدت إلى خلق صورة عن الإنسان المدمن في المجتمع الشبابي بأنه مقبول و«مهضوم». ما حفّز الهيئة على نقل صورة الشاب المدمن الحقيقيّة إلى أقرانه في المجتمع بطريقة مبسّطة، عساها تحدّ من انتشار هذه الظاهرة. هكذا، جاءت فكرة المسرحية، التي استمدّت قصتها من ثلاث تجارب واقعية، عاينها المختصون في جلساتهم مع الشباب المدمنين.
المسرحية بعنوان «أنا حر»، وتروي قصة ثلاثة شبان، أدمنوا نتيجة الظروف المحيطة بهم، التي يتحمّل الأهل جزءاً كبيراً منها، بسبب أساليب التربية والتمييز بين ولد وآخر. ينتهي العرض بنتائج مأساوية حصلت على أرض الواقع: شاب قتل أمّه في إحدى نوباته التي لم يجد فيها المخدرات، آخر قتل شقيقته، وثالث مهندس خسر احترامه أمام ذاته ومجتمعه جراء إدمانه.
لكن المسرحية لا تضع اللوم على الأهل وأصدقاء السوء والمجتمع فحسب، بل ترميه بالدرجة الأولى على عاتق الشاب، الذي اختار بنفسه طريق الإدمان. أحد المدمنين مثلاً، لجأ الى المخدرات هرباً من واقع بيته المرير، الذي يسوده جو من الفوضى بسبب والده، الذي يضرب أولاده ويميّز بعضهم عن بعض، ويملأ الأجواء بالصراخ، فيما اختار شقيقه طريقة أخرى للخروج من تلك المشكلات: ركّز على تحصيله العلمي، وحصل على سمعة طيّبة في محيطه، فنال رضى والده، وثقة بالنفس تجاوزت عقباته.

بعض البرامج التلفزيونية تصوّر المدمن شخصاً «مهضوماً»

المسرحية جزء من حملة لاقت تجاوباً بين الشباب، كما تقول اختصاصية الصحة النفسية في الهيئة الصحية الإسلامية، ريما بدران. وجدت بدران تجاوباً من المدمنين، الذين لجأوا إلى الهيئة بهدف الشفاء من إدمانهم، وشرحت تراتبية الأمور: «كنا نشخّص حالاتهم، ونرسل المتطوّرة منها إلى مراكز إعادة تأهيل المدمن، ونعالج المدمنين المبتدئين».
ووفق بدران، فإن كثيراً من الأهالي تيقّنوا لدورهم كعامل أساسي يستطيع أن يؤثر سلباً أو إيجاباً في انتشار الإدمان. «الشاب بحاجة إلى من يستمع إليه. هذا ما لمسناه في صفوف الشباب، وما حاولنا أن ننقله إلى الأهل، الذين يهملون الجانب النفسي في التربية، ويجهلون أهمية أن يشعر أبناؤهم بالمحبّة والاهتمام. فضلاً عن ذلك، لا يراقب بعض الأهالي أصدقاء أبنائهم، ويعطونهم الحرية المفرطة، ما يؤدي إلى سوء استخدامها»، تؤكّد بدران. لافتةً إلى أن الهيئة في صدد إنشاء مركز نموذجي لإعادة تأهيل المدمنين على المخدّرات، لكنها تعاني قلة في عدد الاختصاصيّين في هذا المجال في لبنان، إضافةً الى غياب مراكز توجيهيّة نموذجية يحتذى بها. ما يضطرها إلى البحث عن هذه الكفاءات والخبرات في الخارج. أما المسرحية، التي عُرضت للمرة الأولى في قاعة الجنان في العاشر من الجاري، فهي جزء من مهرجان كبير يجري الإعداد له، ويبدأ في أيلول المقبل.