وزارة الثقافة تحتمي بالجمعيات

  • 0
  • ض
  • ض

قررت جمعية الابساد (حماية المواقع والأبنية القديمة) أن تستنكر ما يجري لبيروت القديمة، حيث تلقّى وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال سليم وردة كتاباً من رئيسة الجمعية، ريا الداعوق، «تسنكر فيه المجزرة التي تحصل بحق آخر البيوت الأثرية في لبنان، وخصوصاً في العاصمة بيروت، بعد مجزرة أسواقنا العريقة التي ارتكبتها شركة عقارية خاصة». وحملت الداعوق مسؤولية ما يحدث «إلى بلدية بيروت ونهج الحكم الذي اتُّبع منذ تأسيس دولة الزحف الباطوني في أوائل التسعينات، الذي شوّه وجه بلدنا الحبيب»، كما أنها قررت أن تدعم وزير الثقافة أكثر من ذلك «فلفتت الى أن وزارة الثقافة الحالية متعاونة وتبذل جهودها لمؤازرة الجمعيات الأهلية التي تهتمّ بالمحافظة على التراث في غياب قانون يحمي ثروتنا الثقافية». وبذلك تكون الداعوق قد حدّت من حجم المشكلة، ووضعت المسؤولية في يد جهة واحدة، وهي بلدية بيروت. مما لا شك فيه أن للبلدية دوراً أساسياً في الحث على هدم البيوت التراثية، وذلك عبر السماح، بالتعاون والتفاهم مع التنظيم المدني، بإعطاء رخص لأبراج باطونية تصل إلى الثلاثين طابقاً. وهذا ما يحث مالك العقار على بيعه مقابل الملايين التي يقدمها المقاولون، الذين يرون في المشروع فرصة لزيادة ثرواتهم الشخصية. البائع رابح، والمقاول رابح، والبلدية تربح، فلنقل حصراً في الضرائب... والخاسر هو بيروت التي باتت تشبه المدن الحديثة: غنية من دون هوية. لكن لا يجوز أن نحصر المسؤولية بهذه الجهة، وخاصةً أن وزارة الثقافة كانت قد استحصلت على إذن من مجلس الوزراء يمنع الهدم إلا بعد موافقة وزارة الثقافة. وبهذا بات لها الحق في تقرير مصير هوية العاصمة، لكن نقطة ضعف قرار منع الهدم تقبع في أنه لا يرتكز على قانون مختص بحماية الأبنية الأثرية (فاللجان النيابية لا تزال تراجعه منذ أكثر من تسعة أشهر) لذا يمكن الطعن فيه أمام مجلس شورى الدولة. ويبدو أن هذا الأمر، بالتوازي مع الضغوط السياسية، قد حثّا وزارة الثقافة على أن تعمل بنفسها على ممارسة السلطة التي كانت قد استحصلت عليها. فاعتمد القيمون على الملفات، وخاصةً تلك التي يفصل فيها وزير الثقافة، مبدأين يُستعملان هندسياً في الحالات المستعصية وهما: الفك وإعادة الإعمار والحفاظ على الواجهة، لكن، لبننت الوزارة المبدأين، وعملت على تطبيقهما في طلبات الهدم التي تقدَّم إليها. فبدأت تطلب من بعض المقاولين أن يحافظوا على الواجهة ويدخلوها من ضمن مشاريعهم الجديدة (مع العلم أن هذا المبدأ يرفض عادةً تغيير أيّ تفصيل في الواجهة) ومن ثم اعتمدت مبدأ «الفك وإعادة البناء»، وهكذا تكون الوزارة قد تخلصت من مبدأ «الهدم» واستعاضت عنه بمصطلح يتمتع بما ترى أنها الحلول الوسطية. ومن المستغرب أن تتغاضى جمعية مثل الابساد عن كل هذه الوقائع لتحصر المشكلة في بلدية بيروت وحدها، وتقدم خطياً دعمها المطلق لوزارة حاولت أن تحافظ على هوية بيروت لكنها عادت ورضخت لواقع معين. فالمنتظَر الآن هو موقف هذه الجمعية المعنية بالحفاظ على بيروت مع الوزارة المقبلة في ظلّ غياب القوانين المرعية.

0 تعليق

التعليقات