ها هو المشهد يتكرر. بعد العراق بدأت سوريا تنزف آثارها. الفلاحون والمزارعون في القرى النائية الذين كانوا يبيعون محاصيلهم الزراعية للدولة، باتوا اليوم ينقّبون في المواقع الأثرية، لعلّهم يعثرون على قطعة يبيعونها لتأمين لقمة العيش. وكما حصل في العراق من قبل، استعدّت السوق لهذا الواقع الجديد، فبدأ الطلب على القطع الأثريّة، وبدأ البيع وعمليات المزايدة.
في مقالة نشرتها صحيفة الـ «فاينانشل تايمز» الأميركيّة، أكّد مهرّبو الآثار وتجّارها ازدياد طلب السوق العالمية على القطع السوريّة، وأضافوا إنّ هناك طريقين أساسيّين للتهريب، هما بيروت وأنقرة! فحدود البلدين المشرّعة أمام السوريّين، وعمليات تزويد المقاتلين بالأسلحة في هذين البلدين، بحسب الصحيفة المذكورة، حوّلت الأنظار إليهما.
وتؤكد الـ «فاينانشل تايمز» أن الجيش السوري الحر يرى في القطع الأثرية مصدراً أساسياً لشراء الأسلحة، وقد بات يسيطر على الطريق التجارية وعمليات تهريب هذه القطع. فهو من يمسك زمام الأمور، إن كان مع الفلاحين أو التجّار، ولا يطلب هذا الجيش الأموال مقابل القطع الأثريّة، بل الأسلحة.
هكذا، بدأت موجة سرقة ضخمة للفسيفساء المنتشرة في أرض منطقة معرّة النعمان وفي محافظة إدلب، كما أنّ الطلب عالٍ على القطع السومرّية الشكل، التي تنتشر مواقعها في الحسكة. يؤكد التجّار أنّ سعر القطع الأثرية التي تباع يصل إلى عشرات آلاف الدولارات، وبدأت تنتشر شائعات عن ثراء مفاجئ لبعض الأفراد الذين عثروا على قطعة أثريّة واحدة فريدة، في القرى التي تفتقر إلى لقمة العيش.