شارون ــ عامر ملاعببالأمس انفجر «غضب الأهالي» في بلدة شارون في قضاء عاليه، بعدما وصلتهم فواتير متوجبة عليهم لمصلحة مياه جبل لبنان بأرقام خيالية أدناها مليون ليرة للمنزل الواحد، وبعضها تجاوز 6 ملايين كرسم اشتراك متراكم عبر السنوات منذ عام 2000. وتداعى أهل البلدة للاعتصام في باحة المدرسة الرسمية، رافعين شعارات تطالب برفع الغبن وخفض قيمة الاشتراك السنوي التي يرونها، عن حق، مجحفة. ولكن سرعان ما تطور الاحتجاج، و«قلّب» المواجع المواطنية الكثيرة، فتعدى الشكوى من المشكلة الآنية إلى طرح مطالب إنمائية وخدماتية ملحة وضرورية في قرى تفرغ بانتظام بالنزوح طلباً للعمل أو للعلم أو حتى مجرد السكن في مناطق تصل المياه إلى المنازل فيها. تجدر الملاحظة أن تلك التحركات تتصاعد في قضاء عاليه باطّراد (بعد اعتصام بلدتي عبيه والبنيه منذ أسبوعين في خيمة احتجاجاً على عدم قبض التعويضات عن فترة الحرب، والتهديد بمقاطعة الانتخابات النيابية المقبلة) في ظل غياب كامل عن السمع للنواب أو العناصر الحزبية المباشرة، معارضةً وموالاة، تنسيقاً أو حضوراً.
المحامي رائد الصايغ تلا بياناً باسم الأهالي وجه فيه «التحية إلى رئيس الجمهورية الذي هو فقط يمكن أن يفيدنا تدخله في معالجة قضايانا المحقة التي تتراكم، وكان آخرها فرض رسوم مرتفعة على الاشتراك السنوي في مصلحة مياه بيروت بلغت 240 ألف ليرة لبنانية سنوياً». وطالب الصايغ «بخفض الرسوم إلى ما دون المئة ألف ليرة كون المياه تنبع من أرضنا ولا ترتب على المصلحة أي تكاليف لنقلها وتوزيعها على المنازل، وهذا أسوةً بقرى مجاورة تنبع المياه من أرضها ويدفع المواطن فيها مجرد مبلغ 50 ألف ليرة لبنانية خلال السنة، مثل بلدة صوفر وعين زحلتا». ودعا البيان «القيمين والفاعليات السياسية من نواب وقيادات إلى زيارة القرى الجبلية وخاصةً شارون ليروا بأم العين مدى الإهمال والمعاناة التي تعيشها هذه القرى من طرق عامة وزراعية، وصرف صحي، وإصلاح شبكة مياه الشفة».
الشيخ حيدر الصايغ الذي تجاوز الثمانين عاماً خاطب المعتصمين بأن «مطالبكم اليوم مع الدولة كالذي يزرع شجرة صنوبر لن يستغلّها جدياً إلا بعد 30 سنة، لا تنتظروا من المتربعين على الكراسي أن يسمعوا أنينكم، إلا إذا كان صراخاً مرتفعاً جداً ويهدد مصالحهم الانتخابية، ونحن سنصعّد تحركاتنا بوجه طغمة حاكمة لا تلتفت إلى مصالح الناس».
مدير مدرسة شارون الرسمية جهاد البنا طالب بمعالجة «ملف المياه، لأننا نشتري المياه المعدنية في بيوتنا ومدرستنا، والأنابيب متآكلة وتختلط مع مياه الشفة عندما تحول المياه إليها، هذا فضلاً عن غياب أي إنماء عن البلدة والمنطقة وكأنها دائماً خارج الوطن». أما الفتاة ريمي الصايغ (12 سنة) فقد قالت «أخاف شرب المياه التي تصل إلى بيوتنا، وإذا بابا وماما ما اشترولنا ما منشرب». ثم وقّع المعتصمون عريضة تطالب بتحقيق مطالب البلدة.


الدولة تستعير من البلدة

تقع بلدة شارون على ارتفاع 950 متراً عن سطح البحر شرقي بلدة صوفر السياحية، وقد بدأت قصة البلدة مع المياه منذ عام 1957 عندما عمل الأهالي على استجرار المياه بالجاذبية من النبع في أعالي البلدة، وركّبوا شبكة المياه بأنفسهم، ما تسبب بمشكلة كبيرة آنذاك مع السلطات. وقد كانت خطوة أغنت البلدة عن الاشتراك بشبكة مياه الباروك فاكتفت ذاتياً. في ما بعد توسعت البلدة وازدهرت السياحة في القرى، ما دفع السلطات لاستجرار قسم من مياه البلدة إلى تلك البلدات في فصل الاصطياف، وتسبب بالتالي بقطع المياه تدريجاً عن شارون.