منهال الأمينالضاحية تعتني بصورتها. هذا ما يبدو على الأقل من حملة «حقّنا واجبنا» التي انطلقت منذ أيام لإزالة المخالفات والتعدّيات على الأملاك العامة هناك، وتفعيل ما بات يعرف بلجان الأحياء، بالتعاون بين بلديات المنطقة وعدد من الجمعيات الأهلية والهيئات الاجتماعية. والحملة، بحسب محمد حيدر رئيس جمعية الإنماء الصحي والاجتماعي، الإطار العام للتحرك، تأتي «لإبراز الضاحية كنموذج للتعاون الأهلي لخدمة المصلحة العامة»، ومحاربة صورة ومنطق «قابلية أهالي الضاحية لمخالفة القوانين». هكذا، تسعى الحملة لنشر «ثقافة ترشيد الاستهلاك للكهرباء والماء، برغم التقنين القاسي، ومنع التعديات على الأرصفة والساحات العامة»، كذلك تسعى «لنشر ثقافة بيئية في ظل تناقص المساحات الخضراء لمصلحة المشاريع السكنية». وبحسب البلديات، فالعمل بدأ بإزالة التعديات على أوتوستراد هادي نصر الله، بعد سلسلة إنذارات وجّهت للمخالفين. ولاحقاً، سيبدأ تنفيذ خطة لتنظيم الفانات المخالفة بمعظمها، التي تسبب ازدحاماً خانقاً، وتأمين مواقف ثابتة لها، ومحطات متعددة للركاب. أيضاً، ستجول لجان توعية على الناس للحث على ترشيد استهلاك الطاقة والماء ومعالجة النفايات المنزلية. كذلك تخصص ساعة إرشاد صحي واجتماعي في المدارس ونشاطات تُعنى ببناء الثقافة البيئية للطلاب.
لكن، أليست هذه مهمة الدولة؟ يوافق حيدر على أن هذا المشروع هو تغطية محلية لغياب الدولة. ويضيف بمرارة «تفوق جباية الضرائب في الضاحية كل المناطق، لكن حضور الدولة بالمقابل ضعيف جداً».
أما نائب رئيس بلدية حارة حريك، أحمد حاطوم، فيقول إن الحملة تفعيل لمشروع بدأته البلديات منذ سنين. إلا أن المشكلة لا تحل إلا بتضافر جهود «بلديات ساحل المتن الجنوبي مجتمعة، والإدارات الرسمية (مجلس الإنماء والإعمار ومصالح المياه والكهرباء وغيرها)، والطرف الأهم: المجتمع الأهلي». ويتحدى حاطوم أن يسجل أحد على الضاحية خروجها عن القوانين، مطالباً بإرسال لجنة تحقيق لتقف على حقيقة الوضع وعدم وجود ولو مخالفة صغيرة في «أكبر ورشة إعمار شهدها لبنان في تاريخه»، مستنكراً الطابع السياسي للهجوم على الضاحية. وشدد على أن كل هذه الخطوات ستتم بالتنسيق مع المؤسسات الرسمية (كهرباء لبنان، مصالح المياه ومجلس الإنماء والإعمار) وبمواكبة القوى الأمنية المدعوّة لإزالة المخالفات وعدم التهاون مع أحد.
وفيما تشمل الحملة معظم بلديات الضاحية، إلا أنها تتركز في حارة حريك التي تشهد ازدحاماً كبيراً في السير لموقعها الوسطي، إضافة إلى الكثافة السكانية التي تعدّ الأعلى في لبنان، وخصوصاً أن هناك أكثر من 250 مبنى دُمرت في عدوان تموز ستسلم تباعاً إلى أصحابها في الأشهر القليلة المقبلة.
ولتفعيل المشاركة وتشجيع الأحياء والبنايات، سيتم بالإضافة إلى الحملة الإعلامية وتوزيع البوسترات والمنشورات التوجيهية، تنظيم مباريات بين هذه الأحياء لاختيار الحيّ النموذجي «لكي يكون العمل أكثر حيوية ويصبح له صدى طيب بين الناس».


لا بديل من الدولة

«ستبقى الحملة ناقصة إن لم تتدخل إدارات الدولة» يقول نائب رئيس بلدية حارة حريك أحمد حاطوم، و«لسنا بديلاً من المؤسسات، بل نحاول أن نفتح الطريق أمامها، إلا أن هذه الإدارات لا تزال غير فاعلة وهي تخطط لمشاريع لا تؤمن لها مستلزماتها فتبقى حبراً على ورق أو يتأخر العمل فيها سنين، كما هو حاصل في جسر المطار حالياً». علاج هذه المشاكل المزمنة في الضاحية «يتطلب حلاً مركزياً، فلا يمكن الحديث عن خطط خاصة بكل بلدة على حدة لناحية إنشاء سوق خضار مركزي أو خطة سير شاملة أو حتى مدينة صناعية تنقل هذه القنابل الموقوتة في محال الحدادة والميكانيك والدهانات وغيرها من بين البيوت السكنية إلى مناطق أكثر اتساعاً وأماناً».