زحلة ــ نقولا أبو رجيليأكثر من 400 تلميذ مهدّدون بالبقاء في الشارع في بلدة اشهابية الفاعور (قضاء زحلة). الخبر ليس مزحة، فالمدرسة الخاصة ـــــ المجانية الوحيدة في البلدة تقفل أبوابها هذا العام، لأنّها لم تعد تملك المال الكافي للاستمرار. ولا يجد أهالي تلامذة هذه المدرسة حلاً لمشكلتهم، فهم لا يملكون خياراً آخر غير تسجيل أولادهم في هذه المدرسة بسبب أقساطها المنخفضة، ولأن لا قدرة لهم على نقلهم إلى مدارس خاصة أخرى خارج البلدة. الحلّ الوحيد الذي يمكن أن يناله الأهل، بعد المفاوضات مع مدير المدرسة، هود الطعيمي، هو الحصول على إفادات مدرسية لأولادهم، قد يستطيعون بموجبها تسجيلهم في المدارس الرسمية التي تتوزّع في قرى مجاورة. ماذا لو كانت الدولة قد أقامت مدرسة رسمية في هذه القرية؟ يجيب شيخ العشيرة، وليد الفياض، قائلاً: “كنا ما رحنا لبعيد أو ما سابوا أولادنا في الساحات”. يأسف الفيّاض لإقفال أبواب الابتدائية الخاصة ـــــ المجانية الوحيدة في البلدة، التي كانت تؤوي نصف عدد التلامذة الموجودين هناك. بهذا الإقفال، قد لا يعود هؤلاء الأطفال إلى قاعات التدريس، وقد يضاف عدد كبير منهم إلى 350 طفلاً موجودين الآن في الشارع في بلدة اشهابية الفاعور. ويؤكّد مؤذّن مسجد البلدة، علي العلي، هذا الأمر، إذ يلفت إلى أن “إقفال المدرسة الوحيدة في البلدة يسبّب حرمان نصف أولادنا التعليم، وخصوصاً في ظلّ الظروف المادية الصعبة التي لا تسمح للأهالي الذين يعملون في الزراعة بدفع نفقات نقل أطفالهم إلى مدارس أخرى”.
إذاً، ها هي المدرسة الوحيدة تقفَل بعد 13 عاماً، استطاعت خلالها الاستمرار “بقوة الدفع الذاتي، وبعض المساعدات المالية من جهات سياسية تحظى بتأييد غالبيّة أبناء العشيرة”. ويقول الفياض إن “مدير المدرسة هود الطعيمي لم يعد لديه المال الكافي في صندوق المدرسة للاستمرار هذا العام”... في ظل انقطاع مساعدات القوى السياسية. كلام الفياض يؤكّده الطعيمي، الذي يلفت إلى “أن التيار السياسي الموالي حجب هذا العام المساعدات العيّنية التي كان يقدمها، فيما أسهم حزب سياسي معارض بمبلغ مالي لتسديد ثمن الكتب المدرسية فقط”.
يضيف الطعيمي إن «مدرسته كانت تستقطب نحو 350 تلميذاً من أبناء البلدة. وقد أصبحوا اليوم في الشارع”. ويعدّد الطعيمي بعض العقبات التي حالت دون استمرار مدرسته، “أبرزها عدم تعاون أولياء الطلبة مع الإدارة وتسديد نسبة الأقساط المستحقّة عليهم، بذريعة أن جميع المدارس الرسمية لم تستوفِ أية رسوم منذ نحو 4 سنوات”. ويؤكّد الطعيمي أن «هذا الاعتقاد دفع الأهالي إلى مطالبتنا بمعاملتهم بمثل ما تعامل به الدولة أهالي طلاب المدارس الرسمية، إمّا عن قصد أو جهلاً منهم بالنظام الذي تتّبعه المدارس الخاصة ـــــ المجانية”. وكشف عن عجز مادي متراكم تعانيه المدرسة يفوق الـ50 مليون ليرة. أكثر من ذلك، يقول الطعيمي إن «هناك مشكلة أخرى، فبناء المدرسة يتعرض سنوياً خلال فصل الصيف لأضرار جسيمة جراء خلع أبوابه ونوافذه وتكسير زجاجها، إضافةً إلى تحطيم محتويات حمّاماته”.
انتقل الطعيمي من معاناته مع المدرسة الخاصة إلى الغوص في أسباب عدم وجود مدرسة رسمية في بلدة الفاعور، التي تتلخّص “بعدم التفات الدولة إلى هؤلاء السكان، لأنهم من عشيرة عرب الحروك”. كما أن إمكان المطالبة بمدرسةٍ رسمية “غير مطروحٍ الآن” يقول الفياض، لافتاً إلى أنّ “المدرسة التي كانت موجودة لم تكن لتُبنى لولا احتجاجات الأهالي، التي استمرت عشرات السنين”.


هبة سعودية معلّقة

أنشئت الابتدائية الخاصة ـــــ المجانية في بلدة اشهابية الفاعور عام 1996. اليوم، بعد إقفالها، يطالب أهالي البلدة الدولة اللبنانية بتنفيذ الوعود القاضية بإنشاء مدرسة رسمية، تكفّلت هيئة الإغاثة السعودية بتمويل تكاليف البناء. وكانت الهيئة قد وعدت بدفع مبلغ 650 ألف دولار أميركي لبناء المدرسة على قطعة أرضٍ تقع وسط البلدة، تبلغ مساحتها 6 الآف متر مربّع. ولفت شيخ عشيرة عرب الحروك وليد الفياض إلى أن “بلدية تربل كانت قد قدّمت قطعة الأرض عام 2007، شرط أن تُبنى المدرسة خلال 5 سنوات”. وناشد الفياض المعنيين الإسراع ببناء المدرسة “وعلى وجه الخصوص الرئيس فؤاد السنيورة، الذي كان قد وعد بمتابعة هذا الموضوع شخصياْ خلال لقائه عدداً من أبناء العشيرة في القصر الحكومي عام 2008”.