جبشيت ــ عساف أبورحالحقّقت بلدة جبشيت الواقعة في قضاء النبطيّة رقماً قياسياً في قائمة البلدات التي تهتمّ بزراعة الأشجار وبيع النصوب. فهذه البلدة قد تكون من أخوات لها قليلات في منطقة الجنوب، يمتهن سبعون بالمئة من أبنائها شتل النصوب وبيعها، عدا اهتمامهم بزراعة الأشجار، حتى تكاد لا تخلو أرض أو دار أو حتى حافة طريق من شجرة مرتفعة من الأرض باتجاه السماء. أكثر من ذلك، تشتهر جبشيت، الملقّبة بالمشتل، بزراعة نصوب الأشجار المثمرة خاصة، وعلى الأخص الزيتون منها، لما لهذه الشجرة من فائدة عالية وكلفة منخفضة نسبة إلى أبناء جنسها، وتمثّل المشاتل هنا أكثر من نصف أراضي البلدة. ما جعلها مقصداً للمزارعين والتجار، الذين يبتاعون من مشاتلها يومياً ألوف النصوب. والصيت، ليس جديداً على جبشيت ، ففي القرية أخبار كثيرة، وقصص تؤرخ لهذه الزراعة ـــــ التجارة، ولا يتوانى كبار السن عن المباهاة بأن بلدتهم كانت أول ما اشتهر بشتل النصوب وبيعها منذ مئات السنين، مستذكرين أبو مالك حسين محمد داوود حرب، الذي كان أول من أتى بفكرة غرس نصوب الزيتون في البلدة، ومن ثم «تصديرها» إلى البلدات المجاورة.
لن يفاجَأ من يقصد البلدة بهذا الكلام، أو يراه غريباً، فمشهد جبشيت، وخاصةً لجهة المدخل الجنوبي لها شاهد على انتشار المشاتل. تدير أحد هذه المشاتل أم مهدي الجرمقي، التي أوضحت أن حوالى 70% من الأهالي يتعاطون هذه المهنة. وعن مهنتها، تقول الجرمقي إنها «تعيل كل أفراد العائلة الذين يعملون فيها». في هذا الوقت من العام وحتى شباط المقبل، تزدهر مهنة الجرمقي، إذ تشير إلى «أن هذه الفترة تشهد إقبالاً كثيفاً على شراء النصوب». تعوّل السبعينية على هذه المهنة، وخصوصاً أنها مصدر رزقها الأساسي لها ولعائلتها، كما هي المصدر الرئيسي ليونس مهدي. على الرغم من اعتماد الأهالي هنا على تلك المهنة، إلّا أن البعض يشكو الآن من «الشتول المستوردة». وفي هذا الإطار، يشير مهدي إلى «أن استيراد الشتول من الخارج أثّر سلباً في عملنا». وما يزيد الطين بلّة «حرب تموز، التي قضت على مشاتلنا، ولا مبالاة الدولة، التي لم تعوّض علينا، ما اضطرّنا إلى البدء من النقطة الصفر». لم يجد مهدي سبيلاً سوى تجديد دعوته «وزارة الزراعة إلى اتّخاذ خطوة إيجابية، قد تكون تسهيل نقل التربة إلى المشاتل، من خلال تسهيل الحصول على رخصة، إضافةً إلى التدخل في خفض ثمن العبوات والأسمدة». ولم يكتفِ مهدي بمطالبة وزارة الزراعة، بل وجّه نداءً إلى «المراجع المختصة لدعم أصحاب المشاتل، وخصوصاً البلديات، التي تحجم عن شراء النصوب لتوافرها مجانيّة من جهات أخرى».