على درج الفن في الجميزة، كانت نهاية الأسبوع «ولعانة»، فإلى جانب المعرض الفوتوغرافي الذي نظّمه نادي التصوير في جامعة هايغازيان، عُقد مهرجان السينما الشبابي الدولي، في «عجقة» محبّبة
هاني نعيم
خلال الأيام القليلة الماضية، عاد الصخب إلى درج الفن، في حيّ الجميزة العتيق، بعد هدوء دام طويلاً لمحبّيه. بالتزامن، احتلّت الصورتان، الجامدة والمتحرّكة، الدرج، بدرجاته المئة. فقد نظّم نادي التصوير في جامعة هايغازيان، بالتعاون مع جمعية إنماء الجميزة، معرضه الفوتوغرافي الثاني تحت عنوان «Aperture»، بعد معرض أول أقاموه العام الماضي. وما ميّز معرض هذا العام، خروجه من بيئة الجامعة، ليكون في متناول الجميع على درج الفن.
شارك 15 مصوّراً من أعضاء النادي في المعرض. «راوحت مشاركة كل مصوّر بين صورتين وسبع صور. وقامت لجنة خاصة من النادي باختيار 62 صورة من أصل 3000 تلقّتها»، يقول رئيس نادي التصوير عادل سلمان. وقد قسّمت الصور إلى ثلاثة أقسام، بحسب ألوانها: أبيض وأسود، بنّي داكن (Sepia)، أو ملوّنة. هنا، يطغى غروب الشمس على المشهد الفوتوغرافي. كلٌ من المصوّرين يراه على طريقته. منهم من صوّره بكل ألوانه، ومنهم من اختزلها باثنين فقط. يبدو أن الأفق ليس واحداً، رغم أن الشمس ثابتة في مكانها.
أما الناس، الذين من شأنهم إضفاء بعض الحركة على جمود الصور، فهم شبه غائبين عنها، في ما خلا بعض البورتريهات لعدد من الموسيقيّين في بعض منها: عازف غيتار إلكتروني، وعازف كمنجة وآخر يحمل أكورديون، إضافةً إلى صور أخرى لمهمّشين وفقراء من الريف والمدينة.
كذلك، ضم المعرض تشكيلة صور توثّق مظاهر عمرانية من حقب تاريخيّة: بيوت ريفيّة، نوافذ خشبيّة، أزقّة في أحياء تراثيّة، ومبانٍ قديمة.
لم تقتصر الصور على لقطات من لبنان ومدنه، فـ«العديد من الصور التقطها هؤلاء أثناء تجوالهم في مدن مختلفة من العالم، منها دير الزور (سوريا)، برشلونة (إسبانيا)، ألمانيا، روما (إيطاليا)، أثينا (اليونان)»، كما يوضح عادل.
أما على الجزء الباقي من الدرج، في الهواء الطلق، فقد كان جمهور السينما على موعد مع مهرجان «Cabriolet»، الذي ينظّمه الشاب إبراهيم سماحة، مدير محترف «Laboratoire D’art» الفني، وزميلته، الشابة صونيا حدشيتي، للسنة الثانية على التوالي.
في نسخته الثانية، اكتسب المهرجان البعد الدولي، إذ شاركت فيه، إضافةً إلى لبنان، كل من تونس، بلجيكا، إسبانيا، فرنسا، إنكلترا، والولايات المتحدة. «كما لم تقتصر المشاركة على المخرجين الهواة، بل شارك أيضاً مخرجون محترفون من تونس وإسبانيا»، يقول سماحة.
شارك في المهرجان 37 فيلماً من أصل 100 فيلم وصلت إلى المنظّمين، 19 منها لبناني، تنوّعت بين وثائقيّة، روائيّة، رسوم متحرّكة وغيرها. وهي بمعظمها أفلام قصيرة.
إلى المشاركات المستقلّة، هناك 4 جامعات لبنانيّة خاصة في المهرجان: USJ، NDU، USEK، وAUST، في مقابل غياب الجامعة اللبنانية عنه كالسنة الماضية. ويشرح سماحة الأسباب قائلاً: «لم تزوّدنا الجامعة بالأفلام، بل أعطتنا أرقام هواتف الطلاب الذين اتصلنا بهم. بعضهم كان قد غيّر رقم هاتفه، والبعض الآخر ربما لم تكن الأفلام بحوزتهم».
هذا العام، لا تحتوي اللائحة، كما العام الماضي، أفلاماً مغضوباً عليها من جانب أجهزة الأمن التي تمارس الرقابة، فقد مارس ّالمنظّمون نوعاً من الرقابة الذاتية على الأفلام التي ستُعرض، فحذفوا مشهداً إباحياً من أحد الأفلام التي قدّمها طالب في الجامعة اليسوعيّة، وذلك «لأن العروض كانت تجري في وقت مبكر بين الثامنة والحادية عشرة مساءً، وأحياناً يحضر الأطفال مع أهاليهم»، على حد تعبير سماحة.
وقد اختُتم المهرجان بعرض خمسة أفلام من إخراج طلاب قسم ذوي الاحتياجات الخاصة في جامعة AUST، أبرزها فيلم يتناول التهميش الذي تعانيه تلك الفئة. «هي رسالة لكل الناس. هذه الفئة لديها طاقتها، ويجب إعطاؤها الفرصة والمساحة للتعبير»، كما شرح سماحة.
أما الأفلام اللبنانيّة التي عُرضَت، فقد تنوّعت القضايا التي تناولتها، جمعتها مظلّة واحدة من محاكاة الواقع اللبناني بهمومه وبهواجسه. حرب تموز حضرت. الانتخابات النيابيّة أيضاً. أما الوسط التجاري، فحضر عبر ذاكرة إحدى النساء العجائز التي تزور الوسط مع حفيدتها. هناك، تدرك أن كل شيء تغيّر. تكتشف ذلك، عندما يمنعها حرّاس أمن شركة سوليدير من دخول بعض الأزقّة. «الزهرة المنسية» أيضاً لم تغب، عبر فيلم للشابة رهام عاصي يتناول زراعة التبغ.