دخلت نتائج مباراة اختيار 100 شرطي تجريها بلدية طرابلس، في بازار التجاذبات السياسية، ما أدى إلى تأجيل إصدار نتائج مرحلتها الأولى، المتمثلة في الاختبار الصحي، التي كانت متوقعة منتصف الأسبوع الماضي، بعدما تبيّن أن ثمة ضغوطاً كبيرة مارستها مرجعيات وقوى سياسية في المدينة، أدت إلى تأجيل صدور النتائج إلى موعد لم يُحدّد بعد.1104 متبارين، ذكوراً وإناثاً، قدّموا طلباتهم إلى المباراة المذكورة التي تتضمن ثلاثة اختبارات: صحية وخطية ورياضية. تقدّم 912 متبارياً إلى الاختبار الصحي قبل أن يخضعوا للاختبارين الباقيين، اللذين كان متوقعاً أن يُجريا خلال شهر رمضان الجاري، على أن تصدر النتائج النهائية بعد عيد الفطر، لكن التجاذب الكبير الدائر حول الموضوع جعل معظم هذه التوقعات في مهبّ الريح.
هذا التجاذب جعل الآمال المُعلقة على رفد شرطة البلدية بدم جديد تتراجع، ذلك أنه من أصل 460 شرطياً تحتاج إليهم البلدية للقيام بعملها كما يجب، لا يوجد حالياً سوى 82 شرطياً فقط، ما جعل رئيس وأعضاء المجلس البلدي وأهالي المدينة يُعوّلون على أن تكون الدفعة المقبلة من عناصر الشرطة، مقدّمة لدفعات أخرى لاحقاً، من أجل تغطية النقص الحاصل في عناصر الشرطة للقيام بمهمات تنظيم السير، وإزالة المخالفات، وحفظ النظام والحراسة الليلية وغيرها.
وكانت اللجنة الصحية المكوّنة من سبعة أطباء قد أنهت عملها في 6 تموز الجاري، وأنجزت تقريرها الذي لحظ، حسب مصادر مطلعة في البلدية، نجاح 309 متقدمين فقط، الأمر الذي أثار ثائرة أكثر من جهة في طرابلس انطلاقاً من اعتبارين: الأول أن الشروط التي وُضعت أمام المتقدمين عدّها البعض تعجيزية، وصالحة لمن يريد التقدم إلى مباراة عرض أزياء لا عنصر شرطة بلدية؛ والثاني أنه بعد إنجاز التقرير، أُلحق عدد من الراسبين واُنجحوا لخوض الاختبار الخطي، وأن عدد هؤلاء يراوح بين 30 إلى 80 متقدماً.
رئيس البلدية نادر غزال الذي كان قد أكد سابقاً أن «المعيار الأساسي والوحيد للنجاح في مباراة الشرطة سيكون الكفاءة بعيداً عن المحسوبيات، وأن قوى الأمن الداخلي هي التي وضعت المعايير لاختيار الشرطي البلدي»، لم يتسن الاتصال به أمس للاطلاع على موقفه بعد التطوّرات الأخيرة بسبب انشغاله حسب ما أوضح مكتبه، إلا أن أوساطاً مقربة منه أكدّت لـ«الأخبار» أن غزال «لن يتأثر بأي ضغط سياسي يمارَس عليه في هذا الموضوع». غير أن أعضاء في المجلس البلدية ردّوا على غزال واتهموه بأنه «هو من يساوم السياسيين على إعطائهم حصة من عناصر الشرطة كي يرضوا عنه بعد استيائهم منه في الآونة الأخيرة، وأن أحداً منهم لم يتدخل لإنجاح عنصر على حساب آخر، إلا بعدما عرض غزال الموضوع عليهم، الأمر الذي يفقد المباراة عنصر الشفافية، ما قد يدفعنا إلى الدعوة إلى إلغاء المباراة، لأنها افتقدت عنصراً أساسياً هو المساواة بين المتقدمين». الأعضاء المعترضون على أداء غزال «القائم على التفرّد والشخصانية وصرف أموال البلدية من أجل تحسين صورته أمام الرأي العام»، على حد قولهم، رأوا أن «إلحاق الناجحين بعدد من الراسبين في الاختبار هو طامة كبرى، ولن نسمح بإمراره».
هذا الكباش بين غزال وأعضاء في المجلس البلدي لعاصمة الشمال ليس جديداً، لكن يبدو أن مباراة اختيار 100 شرطي، فاقمه، وهو ما تمثل في أمرين: الأول أن الخلاف الذي نشب بينه وبينهم في الجلسة الأخيرة صبّ لمصلحتهم، عندما اعترض أحد الأعضاء على أحد بنود الجلسة، فاقترح غزال التصويت عليها، وعندما جاءت النتيجة في غير مصلحته عمد إلى رفع الجلسة!
أما الأمر الآخر، فتمثل في عقد 14 عضواً ينتمون إلى مختلف المشارب السياسية، اجتماعاً مساء أول من أمس، اتفقوا خلاله على تعطيل المجلس البلدي وعدم حضور جلسة له كانت مقررة بعد عصر أمس، «ليس بهدف دفع غزال نحو الاستقالة في هذه المرحلة، بل لتصويب مسار العمل البلدي، وتطويره نحو الأفضل»، على حد قول أحدهم.