عباس المعلّممنذ عامين وأكثر، تطارد اللبنانيين عموماً وجمهور المقاومة خصوصاً تصريحات الرئيس السنيورة عن أن لبنان لم ينتصر في عدوان تموز. وتقوم الدنيا ولا تقعد كلما نطق السنيورة هذه العبارة، وكلمة حق تقال إن هذا الأمر بات مبالغاً فيه إلى حد الضجر، وخصوصاً أن دولة الرئيس تمزّقت شرايين سواعده من فحص الدم الوطني و«القومي»! فهو من رواد القوميين العرب في الستينيات حيث كان يشارك في تظاهرات التأييد للرئيس الراحل جمال عبد الناصر، لكن بعض زملائه في الجامعة تناسوا هذا الأمر، ربما لأنه كان في الصفوف الخلفية للتظاهرة، بسبب أوضاع صحية وضيق تنفّس كان يعاني منها، ولسوء حظ دولته أن مشاغل الحياة على اختلافها جعلته يغيب عن محطات المقاومة منذ عام 1982 وحتى هذا اليوم، لكن دمه المقاوم لم يتغيّر فظل مقاومَ الكلمة والدمعة الصادقة وفق قاعدة يكرّسها قولاً وفعلاً: إن العين لا تقاوم المخرز وقوة لبنان في ضعفه وبالدموع أيضاً.
ومن المعلوم والمحتوم لدى كل اللبنانيين والعالم، أنه منذ تسلّم الرئيس السنيورة رئاسة الحكومة، وهو يتخذ خط «الاعتدال» الأميركي الذي لا يلتقي مع ما يسمى بالمقاومة، حتى إنه على خلاف مع أحرفها الأبجدية التي شطبها بمذكرة حكومية فأضحى 25 أيار عيد تحرير بلا مقاومة، ربما لأنه حصل بالصدفة أو لأن جيش الاحتلال الإسرائيلي ملّ من وجوده في صحراء جافة من المياه في جنوب
لبنان.
وللتاريخ أيضاً، يُسجَّل للرئيس السنيورة صدقه بهزيمة لبنان في حرب تموز، ولم يتبدّل موقفه منذ 14 آب 2006، حتى إنه لم يقم بواجب الضيافة مع النائب البريطاني جورج غالاوي فقط لأنه بارك له انتصار لبنان. وما دام دولته من مناصري خط الاعتدال الأميركي، فإنه ليس مجبراً على الاعتراف بانتصار «الخصم»، فهو لا يعتبر لجنة القاضي فينوغراد شرعية، لأن ما بُني على باطل فهو باطل، والكيان الصهيوني باطل والرئيس السنيورة لا يعترف بقيام دولة إسرائيل بل بدولة فلسطين من البحر إلى النهر، التي ستعود على بحر دموع أطفال غزة...