النائب بطرس حرب المعتدل بامتياز مع مسحة من الأرستقراطية وحكمة طبيعية. يتحرك وسط قوى 14 آذار، دون أن يصل لحد الرشق بالاتهامات. دوره السياسي بدأ منذ عقود وهو مرشح دائماً لينتهي على رأس الجمهورية اللبنانية.فداء عيتاني

يصف النائب بطرس حرب القرار 1701 بأنه “حل لمأساة كانت تصيب الشعب اللبناني، ولحرب لم يعرف هذا الشعب كيف بدأت ولماذا،
ويعبر عن تدخل المجتمع الدولي في نزاع قائم بين حزب الله وإسرائيل لوضع حد للنزاع ووقف النار، كما انه يعيد التأكيد على كل القرارات الدولية المتعلقة بلبنان، من القرار 425 الى القرار 1559”.
تسأل حرب الى أي القرارين يميل القلب؟ وهو الذي تطل شرفة منزله في الحازمية على الضاحية الجنوبية لمدينة بيروت، ولا شك في أنه شاهد القصف المدمر على المناطق المدنية، يجيب: “قلبنا يميل الى كل قرار ممكن أن يخدم لبنان ويساعد في بناء الدولة اللبنانية وعلى تأمين الجو الديموقراطي وتأمين الحريات والحياة الكريمة للناس. نحن طبعاً نتمسك بحق لبنان في تحرير مزارع شبعا بعد أن تتكرم علينا سوريا بتوقيع محضر خطي في هذا الشأن”.
يرى حرب أن الكلام السوري عن وثيقة لدى الأمم المتحدة “غير صحيح”.ويشرح: “يعرف السوريون الأصول القانونية، وهي عبارة عن توقيع محضر مع لبنان يعترفون بموجبه بلبنانية مزارع شبعا”.
من سبّب الحربيبدو حرب نشطاً في الصباح. يراجع باكراً القوانين اللبنانية في إحدى المسائل التي تشغله سياسياً. كان يعد نفسه بالبقاء من دون ربطة عنق اليوم، لكننا نسأله من الأسئلة ما يدفعه الى لبس القفازات، وليس فقط لارتداء ربطة عنق، من سبب الحرب؟ يجيب حرب “الواقعية والجدية تفرضان علينا أن ننظر بالعينين معاً. ما أقدم عليه حزب الله من قرار مفاجئ كان ذريعة، وكان يمكن أن تخلق اسرائيل ذريعة. لكن ما قام به الحزب معاكس لما كنا نعرفه حول أجواء الحزب. وما حصل أفسح للمجتمع الدولي التدخل والعودة الى طلب تنفيذ القرار 1559” .
وأصر حرب على “النظر من الزاويتين” على رغم أن اسرائيل، كما يعرف كل اللبنانيين، “تكنّ كل العداء لنا، وتمارس ضدنا وحشية لا حدود لها، وأنها ترى في لبنان عكس كل ما تتمناه، وأن لها ثأراً على لبنان، وأن الصيغة اللبنانية متناقضة مع الصيغة الاسرائيلية القائمة على العرق الواحد، كل هذا نعرفه، ومن هذا المنطلق نرى الأمور”.
إلا أن ما سبق لا يمنع القول إن “حزب الله أخطأ في الوقت وفي المكان”، ويشرح: “الفارق يكمن في أن يتخذ التوقيت في الاعتبار، والعقل الحاكم لدى عدونا، رد فعل العدو، ومدى ضررها للبنان، والمصلحة في تحرير ثلاثة أسرى وتدمير لبنان. أي عاقل ومسؤول عن شعبه يجب أن يطرح هذه الأسئلة، ونحن هنا نتكلم على التوقيت بالمعنى الزماني كما بمعناه السياسي”.
يتحدث حرب بقليل من العتب: “تعاملنا مع حزب الله على طاولة الحوار بصدق متبادل، واتفقنا على تجنب أي تشنج لتمرير الموسم الذي يمكن أن يستفيد منه اللبنانيون. ورأى أن حزب الله لم يأخذ هذا في الاعتبار، ووقّعنا ميثاق شرف لعدم توتير الجو السياسي بغية تمرير موسم صيف هادئ، وإذا كان الاتفاق على تخفيف الخطاب السياسي، فما بالك بالعمل العسكري”.
تعديل وزاري
يشيد حرب بأداء الحكومة، ولا يجد ثغر كثيرة في عملها بل عثرات، “هذه الحكومة قامت بأداء مقبول وتحملت مسؤولياتها في الظرف الدقيق والخطير، وليس هناك من أداء كامل”. وتكمن العثر في “استحالة ضبط الحوار المباشر بين الحكومة وحزب الله بسبب ظروف المعركة. كانت الحكومة تنطلق من موقف، وبالنتيجة تصل الى آخر، وبعضهم يرى أن هذا جزء طبيعي من عملية المفاوضات، لكن كان يمكن لقسم من هذه المفاوضات أن يجرى بعيداً من الإعلام”.
لدى سؤاله عن ضرورة رحيل الحكومة يجيب حرب بسؤال: «إذا أقررنا مبدأ تغيير الحكومة ولم نتفق على الحكومة المقبلة ودورها وبرنامج عملها نكون قد ارتكبنا خطيئة مميتة في حق البلد وقضينا على مؤسسة دستورية وأبدلناها بوزارة مستقيلة من دون التمكن من تأليف حكومة جديدة”. ويحذّر من الذهاب الى اسقاط الحكومة لتعذر تأليف حكومة جديدة في ظل العلاقة “الحميمة جداً” بين رئيس الجمهورية والأكثرية، مبدياً اعتقاده بأن مشروع حكومة الوفاق الوطني لا ينجز “في ظل غياب رئيس الجمهورية عن الحياة السياسية واكتفائه ببعض التصريحات، وغيابه عن كل الاتصالات الدولية لحل الأزمة”.
أما قصة علاقة المسؤولين السياسيين بالسفارات فهي مسألة أخرى، إذ يرى حرب أن “الذين لا يعرفون بالعملية الديموقراطية يعدّون أي علاقة بينهم وبين دولة أجنبية علاقة تبعية، وإعطاء أوامر وتوجيهات. نحن خضنا معارك لرفض أي هيمنة على قرارنا، ومن واجبنا إذا ما طلب الاستماع الى رأينا، أن نجتمع الى المسؤولين وإعطاء رأينا. نحن لا نتآمر على وطننا ولا على الآخرين، لكن هؤلاء يعيشون في جو المؤامرة، وهم من اعتاد على تسيير الأمور بهذه الطريقة خلال الوجود السوري”.
ويتساءل: “حين اجتمعت وزيرة الخارجية الأميركية مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، هل كان يتآمر معها على البلاد؟ وهل تآمر معها السنيورة؟ لا أفهم منطق التخوين الدائم. هذا البيت اللبناني العظيم الذي لا ثقة فيه بين شخص وآخر كارثة”.
يميز حرب بين القوى في 14 آذار: “هناك قسم لديه رأي بأن حزب الله خاض المعركة لمصلحة سوريا وإيران، ولكن لا موقف رسمياً في هذا الأمر”. أما موقفه الشخصي فإن “حزب الله أمام امتحانات، وعليه أن يثبت للبنانيين أن الهم اللبناني لديه قبل أي هم آخر، أؤمن أن حزب الله ناس أوادم ووطنيون، ولكن في الوقت عينه عليه أن يأخذ في الاعتبار أنه ليس هو الدولة اللبنانية، والقرار اللبناني لا يتخذ في مجالس الحزب بل ضمن المؤسسات”، ورفض الحزب لهذا الأمر “غير مقبول”.
يرحب حرب بأية مساعدة تقدم للمواطنين، “ولكن تجاوز الدولة في عملية الإعمار والحلول مكانها أمر غير مستحب، وخصوصاً أن مصدر هذه الأموال سياسي، وهناك وسائل لقدوم مساعدات من دول الى لبنان عبر مجلس الوزراء، وهناك مثل يقول ان من يعطي المال يأخذ القرار”. ويضيف ان “وصول مبلغ بحجم 700 أو 800 مليون دولار الى حزب الله مسألة تشغل البال، ولو أتت هذه الأموال من إيران الى الدولة لكانت قوبلت بالعرفان بالجميل من قبل الشعب والدولة”.
تحريض على الفتنة
يبدي حرب استهجانه لكلام الرئيس السوري بشار الأسد. “من غير المفهوم كيف يعطي أوصافا لقوى لبنانية، وأنا لا أقبل أن يعطي الرئيس اللبناني أو رئيس الحكومة أوصافاً لسوريين بأنهم غير وطنيين أو متعاملون مع اسرائيل”.وحين تسأله عما اذا كان الوضع اللبناني الهش هو ما يستدعي التحذيرات المتكررة من فتنة يقول “كلام الاسد هو دعوة اللبنانيين الى الاقتتال بعد اتهامه بعضهم بالعمالة، وهي دعوة لنا أيضا الى الاستنفار للمواجهة مع لبنانيين آخرين. ولا شرارة لتفجير الاحتقان اليوم، ولكن هناك مخاوف من أن يدخل بعض المتطرفين لتحويل الحياة في لبنان الى حالة شبيهة بما يحصل في العراق”.
ويؤكد حرب على عدم وجود خلافات بين قوى 14 آذار، “لا خلافات مستجدة مع النائب سعد الحريري، نحن على تواصل دائم، ولا نتخوف من اتفاقات جانبية بينه وبين حزب الله، وأمس كنا نجتمع معاً، ولكننا لا نعلن عن كل اجتماعاتنا لأسباب أمنية. لا خلافات، وإنما هناك وجهات نظر متباينة في الاجتماعات تطرح على الطاولة”.