أثار فرع المعلومات منذ انشائه عام 1993 تساؤلات واعتراضات قوى وشخصيات سياسية اخذ بعضها شكل اتهامات طاولت دوره وأداءه وانتماءه خصوصاً بعد ربط اسمه بالتحقيق في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
إعداد ابراهيم عوض

ثمة من يعتبر فرع المعلومات «دولة ضمن دولة»، وهناك من يرى فيه جهازاً لخدمة آل الحريري «وتيار المستقبل»، باعتبار ان رئيسه الحالي المقدم وسام الحسن تولى ادارة مكتب الرئيس الشهيد لسنوات، فيما ذهب فريق الى التشكيك في شرعيته وقانونيته وبتحوله عبئاً على الخزينة ناهيك عن اخلاله بالتوازن الطائفي. ما صحة ذلك؟ كيف يعمل هذا الجهاز؟ ما هي المهمات الموكلة اليه؟ ماذا عن صلاحياته؟
هذه الاسئلة وغيرها حملت «الأخبار» على جمع المعلومات عن فرع المعلومات فجاءت الحصيلة كالآتي:
انشئ بموجب المرسوم رقم 3904 تاريخ 6/8/1993 جهاز امني سمي فرع المعلومات تابع لمديرية قوى الامن الداخلي، وحددت مهماته بعنوانين رئيسيين، الاستعلام القومي والاستعلام العسكري. وتبين ان الرئيس الحريري كان وراء انشائه تعويضاً عن النقص الذي كان يشكو منه في مسألة تزويده بالتقارير والمعلومات الامنية الخاصة برئيس الوزراء، والتي كانت تحــــجب عنه بفعل السيطرة السورية على الاجهزة الامنية وتابعية هذه الاخيرة لرئيس الجمهورية العماد اميل لحود كما تـــــقول اوساط قــــريبة من الرئيس الراحل.
ويشــــير مطلعون على الاتصالات التي سبقت تأســـيس فـــــــرع المعـــــــلومات الى ان الرئيس الحريري اجرى «مساومة» مع المسؤولين السوريين لم يكشف عن مضمونها استطاع بموجبها الحصول على الضوء الاخضر لولادة الجهاز المــــذكور. وقـــــد اعد يومها وزير الداخلــــيـــة المرســـــوم الخاص بتأسيس الفرع، اذ يفـــــترض ان يتــــم ذلـــــك إما وفــــــقاً لاقتراح يتقدم به المدير العام لقوى الامن الداخلي او بناء على مرسوم يصدره وزير الداخلية.
ويعتبر فرع المعلومات فرعاً من شعبة الخدمة والعمليات في اطار وحدة الاركان التابعة للمدير العام لقوى الامن. ومن بين صلاحياته الاستعلام على الاراضي اللبنانية واجراء التحقيقات وتنفيذ المهمات التي يكلفه بها المدير العام. وأورد المرسوم نقاط صلاحــــيات الـــــفرع فــــي مجــــال المــعلومات وهي:
- تحديد نوعية المعلومات التي ترى المديرية العامة ضرورة جمعها وتزويدها بها تمهيداً لاستثمارها.
- بث المعلومات التي من شأن القطعات الاستفادة منها وذلك بأقصى ما يمكن من السرعة.
- مهمة استقصاء المعلومات المتعلقة بالامن والانضباط العسكري لعناصر قوى الامن الداخلي والعاملة في القوى المذكورة، ومراقبة اعمالهم وتصرفاتهم في الخدمة وخارجها، والمعلومات المتعلقة بسلامة الثكنات والمباني ومختلف أنواع العتاد والتجهيزات العائدة لها، وجمعها واستثمارها والتحقيق فيها وملاحقة الفاعلين والضالعين فيها وفقاً للأصول النافذة.
- التنسيق عند الاقتضاء مع سائر الاجهزة الامنية المختصة بشؤون الاستعلام وتبادل المعلومات.
- يجهز الفرع بالوسائل التقنية اللازمة في حقلي الاتصالات وتخزين المعلومات.
- تحدد هذه المهمة بتعليمات تصدر من المدير العام لقوى الامن الداخليتولى العميد وليد قليلات رئاسة الفرع للمرة الأولى قبل ان يخلفه العقيد اشرف ريفي الذي واجه صعوبات وتردد انه لم يكن على وفاق مع مسؤولين سوريين فأبعد عن منصبه عام 1998 ونقل الى معهد قوى الامن في طرابلس بالتزامن مع خروج الرئيس الحريري من الحكم، فحل محله المقدم جان غريب الذي تلقى تعليمات بعدم التعاطي بالاستعلام القومي وحصر عمل الفرع بالاستعلام العسكري. ولدى عودته الى رئاسة الحكومة عام 2000 سعى الحريري لارجاع ريفي الى موقعه الاول، لكنه أخفق في ذلك فعين المقدم منذر الايوبي رئيساً للفرع، الا ان الرئيس الحريري ونتيجة اصراره على ممارسة الفرع دروه كاملاً تمكن من استعادة صلاحياته ومسؤولياته لجهة توليه الاســـــتعلام القـــــومي الى جانب الاستعلام العسكري مع الاشارة الى انه كان يمنع على رئيس الفرع التعاطي مباشرة مع رئيس الحكومة على حد قول المصادر نفسها.
في عام 2004 وبعد اعتذار الحريري عن عدم تشكيل الحكومة مع بداية عهد الرئيس لحود الممدد له وتولي اللواء علي الحاج المديرية العامة لقوى الامن الداخلي خلفاً للواء مروان زين استبدل بالمقدم الايوبي العقيد فؤاد عثمان ليخلفه المقدم ســــــمير شحادة بعد مرور شهرين على اغتيال الرئيس الحريري، كما عُيّن اللواء اشرف ريفـــي مديراً عاماً لقــــوى الامن مكان اللواء الحاج الذي قــــدم استقـــــالته. وبقي المقدم شحادة في منصبه حتى شباط عام 2006.
وواكب خلال تلك الفترة عمل لجنة التحقيق الدولية في اغتيال الرئيس الحريري وتولى اجراء تحقيقات جانبية بهذا الخصوص بناء على استنابات قضائية. كما اوكلت اليه مهمة توقيف القادة الأمنيين الاربعة، كذلك تولى توقيف مجـــــموعة مسلحة تنتمي الى «القاعدة» مع نهاية عام 2005، فيما أوقفت مجموعة اخرى، مع تولي المقدم الحسن رئاسة الفرع في شباط 2006، اتهمت بالاعتداء على مراكز تابعة للجيش بينها ثكنة هنري شهاب في بيروت.
وتفيد مصادر فرع المعلومات ان المقدم شحادة تعرض لهجوم سياسي عنيف من قبل قوى سياسية قريبة من سورية اتهمته بـ «فبركة» شهود زور في جريمة اغتيال الرئيس الحريري على غرار هسام هسام، في الوقت الذي رفع فيه شحادة تقريراً الى الجهات المعنية يؤكد ان هسام هسام شاهد «غير ذي صدقية».
وتذكر المعلومات ايضاً ان الفرع المذكور لعب دوراً مركزياً في توقيف اللبناني عصام حمود المتـــــهم بالـــــتخطيط لعــــــملية تفـــــجير في نيويورك، كـــــــما واصل تحقــــيقاته في التفجيرات والاغتــــــيالات التي وقعت في لبنان بعد اغتيال الحريري.
ويرفض فرع المعلومات اتهامه بالاخلال بالتوازن الطائفي في هيكليته ملاحظاً ارتفاع وتيرة التعرض له بعد تسلم المقدم الحسن المسؤولية ربما لقربه المعروف من عائلة الرئيس الحريري، مع الاشارة الى ان موقع رئاسة الفرع من حصة الطائفة السنية. فيما تعزو اصوات داعمة للفرع هذا الاستهداف للنيل من موقع الرئاسة ومن الطائفة التي ينتمي اليها من يتولاها.
ويؤكد مطلعون على حركة فرع المعلومات ان المقدم الحسن، وبعد مرور ثلاثة اشهر على تسلمه المركز، قام بعملية اصلاح بلغت نسبتها 90 في المئة تناولت الخلل الطائفي على مستوى الضباط، علماً ان الموازنة «الشحيحة» المرصودة للفرع بقيت على حالها من دون اي تعديل.
وفي معرض التأكيد على استقلاليته وعدم انحيازه لجهة معينة، يعتبر فرع المعلومات ان الانجازات التي حققها على الارض من توقيفات وما توصل اليه من معلومات في اكثر من جريمة ابرزها قضية اغتيال الرئيس الحريري، وتعطيل مخططات لزعزعة السلم الاهلي، هي الرد المناسب على الاتهامات التي تســـــاق ضـــــده والـــــتي تتوزع بين العمـــالة لجهات اجنبية والتابعية للنائب سعد الحريري.
وإذ تشير مصادر مسؤولة في الفرع الى ان ما من مواطن لبناني خال من ميول سياسية تلتقي او تتعاطف مع هذه المرجعية او تلك، ترى ان هذا الامر لا يبرر التعرض لرئيس الفرع من هذه الزاوية من منطلق ان المحاسبة يجب ان تتركز على اعماله وادائه لا على انتماءاته السياسية او الحزبية. ورداً على لاتهامات للفرع بأنه يرفع تقاريره الى النائب الحريري ويطلعه فيها على كل «شاردة وواردة»، يقول المعنيون في الفرع ان التقارير الخاصة به ترفع الى المدير العام لقوى الامن الذي يرفعها بدوره الى وزير الداخلية، ولا غرابة ان يقوم الاثنان او احدهما بوضع النائب الحريري في صورة بعض التفاصيل المتعلقة بجريمة اغتيال والده.
ولا يرى فرع المعلومات اي تعارض بين عمله وعمل مخابرات الجيش بل يعتبرهما مكملين لبعضهما بعضاً مؤكداً عدم تعارض صلاحياته مع مواد الدستور اللبناني والقوانين المرعية الاجراء، لجهة تعاطيه الأمن القومي او العسكري.
ويأخذ القيمون على الفرع محاولات بعضهم الحؤول دون تلبية مطالبه خلافاً لبقية الاجهزة الامنية والعسكرية التي تفوقه عدداً وعتاداً وامكانات مالية ومادية، في وقت تعمل جهات معارضة على تشويه صورته والادعاء بأنه يتعمد استدعاء اشخاص للتحقـــــيق معهم ممن ينتمون الى فريقها بهدف التخويف والاستخدام لأغراض سياسية.
ويؤكد الفرع في هذا الاطار ان كل التحقيقات والتوقيفات التي يقوم بها تتم بناء على استنابات قضائية صادرة عن النائب العام التمييزي او المدعي العام العسكري، موضحاً ان في امكان اي شخص يستدعى الى التحقيق ان يرفض الحضور في حال عدم صدور الاستنابة القضائية اللازمة. كما ان التحقيق او الاستماع الى افادة «يجريان بشفافية تامة لا نلجأ خلاله الى تغطية وجوه المستجوبين او الشهود بأكياس كما كان يجري سابقاً». ويشدد المصدر المسؤول في الفرع على ان مهمته الاساسية تنحصر في الاستعلام والتحقيق.
ويمتنع فرع المعلومات عن الادلاء بأي معلومات حول التحقيقات التي يقوم بها، كما يعتبر الاتهامات التي تطلق عند وقوع عملية انفجار او حادث اغتيال محملة هذا الطرف او ذاك المسؤلية بأنها تندرج في سياق العمل السياسي والحملات الاعلامية.
وفي ما يتعلق بالانتقادات التي توجه الى الاجهزة الامنية لعجزها عن فك لغز جريمة واحدة في مسلسل التـــفجيرات والاغتيالات التي حصلت في لـــــبنان بعد اغتيال الحريري، افاد فرع المعلومات ان التحقيقات التي تجرى من جانبه مع شـــهود او مشتبه بهم او موقــوفين لا تســــتغرق اكـــثر من اربعة او خمسة ايام تحوّل بعدها المـــــلفات الى القضاء المختـــص.
وعملاً بسياسة الكتمان والسرية يمتنع فرع المعلومات عن الادلاء بأي معلومات عما توصل اليه التحقيق في محاولة اغتيال نائب رئيس الفرع المقدم سمير شحادة وان كان يرى في العمـــــلية استــــهدافاً لــــلقطاع الــــذي يــنتمي اليه.
وعن ربط بعضهم الحادث المذكور بعلاقة المقدم شحادة بالتحقيق في جريمة اغتيال الحريري وتوقيف الضباط الاربعة، كرر فرع المعلومات أنه لا يعير اهتماماً للسجالات السياسية في هذا الموضوع، تاركاً للتحقيق ان يأخذ مجراه «إذ لا يمكنك ان تكون أمنيا وسياسيا في آن».



الهيكلية
يقع فرع المعلومات الرئيسي داخل احد اقسام مبنى المديرية العام لقوى الامن الداخلي بالقرب من المتحف ويضم حالياً 49 ضابطاً و 550 عسكرياً بين رتباء وأفراد يتولى ادارتهم رئيس الجهاز المقدم وسام الحسن.
يتبع فرع المعلومات لوحدة الاركان في قوى الامن التابعة للمدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء اشرف ريفي. ويتوزع عمل الفرع الى فروع يتولى رئاسة كل منها ضابط مسؤول.
كما يوجد في كل منطقة من المناطق اللبنانية الخمس فرع تابع لفرع المعلومات يتخذ من مقر قوى الامن الداخلي في المنطقة مقراً له، ويرأسه ضابط ايضاً فيما يتراوح عدد العاملين فيه بين 40 و 50 عنصراً.



الرئيس الحسن
يرأس فرع المعلومات حالياً المقدم وسام الحسن (41 عاماً) الذي عمل مديراً للمراسم في رئاسة الحكومة في عهد حكومات الرئيس الشهيد رفيق الحريري ثم مديراً لمكتبه.
وكان الحسن قد قدم استقالته من السلك قبل عشرة ايام من اغتيال الحريري في شباط 2005 بعد خروجه من الحكم مع نهاية عام 2004.
وخلافاً لما يتردد لا يوجد وفقاً لنظام الجهاز المذكــــــــور مركز نائب رئـــــيس الفرع.
وقد تعارف على تسمية المقدم سمير شحادة، الذي نجا من محاولة اغتيال على الطريق الساحلي بين صيدا وبيروت أخيراً، بنائب رئيس فرع المعلومات لتوليه سابقاً رئاسة الفرع.