جورج شاهين
من المتوقّع أن تشهد الساعات القليلة المقبلة اللقاء المنتظر بين العماد ميشال عون والرئيس أمين الجميل، أو على الأقل الإعلان عنه. واذا نجحت الوساطات التي جرت لعقد اللقاء، فسيكون في ذكرى مرور أسبوع على جريمة اغتيال الوزير الشهيد بيار أمين الجميل اليوم، وهي «المناسبة المؤلمة» التي فتحت ما كان شرخاً مخفياً في متن العلاقة القائمة بين بكفيا والرابية ورفعته الى سطح الأحداث.
وتتويجاً لسلسلة من الاتصالات واللقاءات التي عقدت بعيداً من الأضواء وشارك فيها أكثر من طرف، وخصوصاً الوزير السابق سليمان فرنجية الذي أبدى تجاوباً وحماساً منقطع النظير للخطوة، فكان اللقاء الذي عقد في سن الفيل أمس وشارك فيه الى جانب رئيس «تيار المردة» عمه روبير فرنجية والوزير السابق طلال أرسلان وآخرون ممن كانوا قد أبدوا حماسة مماثلة لترتيب اللقاء وإنهاء حالة من حالات الشرذمة على الساحة المسيحية.
اللقاء بدأ بتقديم العزاء للرئيس، فعبّر فرنجية عن تألمه البالغ «لجريمة ارتُكبت في وضح النهار وفي منطقة آهلة وعلى مرأى من كل الناس»، وقال إن ما يؤلمنا ويقلقنا هو هذا الشرخ المسيحي المتمادي، واضعاً كل إمكاناته في سبيل إنهائه. وقال للجميل: «أتمنى التعاون لإقفال هذا الصدع، ونحن ممن عانوا هذا الأمر، وذقنا من الويلات ما يكفي وبلغت معنا الأمور في مرحلة من المراحل اعتبار بعض الذين يقطعون جسر المدفون أعداء».
واستغرب فرنجية أن يُتهم العماد عون بالتعاون مع القوميين السوريين. وقال أُذكّركم بأن القوميين هم من حلفائي وجهدت مع العماد عون لتوسيع التحالف، وكان جوابه بكل صراحة «طالما أنهم من قتلوا بشير الجميل لا يمكنني التفاهم معهم».
وتدخّل المير طلال ليؤكد الرأي عينه وقال: «أنا لدي الخبر اليقين، العماد عون رفض مجرد البحث من قريب أو بعيد في أي تحالف مع المرشحين القوميين في عاليه ـــ بعبدا في انتخابات الـ2005 والزميل مروان أبو فاضل الحاضر بيننا يدرك هذه الحقائق».
وقال فرنجية ما يهمنا من الموضوع وما يريده المسيحيون واللبنانيون أن يتوقف كل خلاف عند السقوف السياسية فلا يتجاوزه الى القضايا العائلية والاجتماعية، وتحدث أرسلان فلفت الى سلسلة الجرائم التي تُرتكب منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري، ويُتهم فيها المتضررون ويُحمى فيها المستفيدون منها. فقاطعه فرنجية ليقول «إن هناك علامات استفهام كبيرة حول هذه الجرائم وأخشى أن يكون هناك من يستخدمها للقضاء على خيرة شبابنا». وشاركه الاستغراب النائب السابق كريم الراسي الذي لفت الى حجم الجريمة ووصف منفذيها بأنهم جيش يجول في المدينة وبكواتم للصوت، وذلك بعد اشارة لرئيس الكتائب كريم بقرادوني الى «أن الجناة استخدموا تسعة أنواع من الرصاص حسب آخر التحقيقات». ورد فرنجية بالقول: «اليوم كواتم الصوت... مين ما عندو مخرطة بيعمل كواتم صوت. وأنا أفكر في الموضوع، لو كنت أنا وزيراً للداخلية وحدث ما حدث في وضح النهار وعلى طريقة الكاوبوي، شو كان ممكن يصير!؟».
ورد الجميل لافتاً الى الأجواء الضاغطة التي رافقت اغتيال بيار، «وهي أشياء مبررة قبل أن نعمل ما بوسعنا لتطويقها، وكنا في وضع المضروب على راسو.
القصة ما كانت سهلة أبداً بفقدنا بيار، وأمس جاءنا وفد «حزب الله» وكان الجو إيجابياً وحاولنا نطري الجو، وفريقنا وفريقكم في أزمة حادة لنعترف بذلك، المحكمة الدولية في أزمة والحكومة في أزمة والوضع كله مأزوم، وما نحتاج إليه هو الحد الأدنى من الوعي لتجنيب البلاد المزيد من الخضات والتصعيد»، وتوجه الجميل الى فرنجية وقال «المهم أن نوفر لقاءً مسيحياً موسعاً، ولا أخفي سراً أننا اشترطنا أن تكون حاضراً في أي لقاء مسيحي موسع، وقد كلفنا من يضع البطريرك في هذا الجو، وآمل أن نصل الى الإيجابيات التي تحتاج إليها الساحة المسيحية والوطنية».
ومن دون الدخول في الكثير من التفاصيل انتهى اللقاء الى تحميل الجميل لفرنجية رسالة إيجابية واضحة وصريحة الى العماد عون أنه يرحب به في أي وقت، وأنه سيعمل خلال الساعات المقبلة لترتيب بعض الأجواء الضرورية، مبدياً أمله في أن ينجح صفير في بعض الخطوات التي ينوي القيام بها.
وانتهى اللقاء وتوجّه فرنجية الى الرابية، في أجواء أقل ما يقال فيها إنها إيجابية.