غسان سعود
حالات الانشقاق فردية وتستعير شعارات الأكثرية ضد «التفاهم» و«السورنة» و«الفرسنة»

بالتزامن مع الانطلاقة المرتقبة لتنظيم «قدامى القوات اللبنانية»، والبيانات المتتالية التي يصدرها هؤلاء، سلّطت قوى الأكثرية الضوء على الخارجين من «التيار الوطني الحر»، وازداد الاهتمام بجمعهم تحت واحد من ثلاثة أسماء لا تزال قيد التداول، هي «قدامى التيار الوطني الحر»، «العونيون الحقيقيون» و«المؤتمر الوطني». وقطع بعض هؤلاء شوطاً كبيراً في الإعداد لاجتماع موسّع بعنوان «المؤتمر الوطني» للخروج بورقة تأسيسية سياسية وتنظيمية على غرار «المؤتمر الوطني» الذي عقد في باريس عام 1994 وهيّأ لإطلاق «التيار الوطني الحر».
إلا أن مشكلة «القدامى» تتمثل في أن علاقات بعضهم ببعض تصل إلى حد الخصام، فيما مشكلتهم مع «التيار» ذات بعدين: تنظيمي داخلي، وسياسي مرتبط خصوصاً بتحالفات العماد ميشال عون.
و«قدامى التيار» نوعان: ملتزمون سابقون مثل الياس الزغبي وبسام الآغا وسمير سكاف وروجيه عزام. ومؤيدون سابقون للعماد عون وخطابه السياسي مثل روجيه إدّة وإيلي محفوض اللذين لم يكونا يوماً في التيار.
واللافت أن حالات «الانشقاق» عن «حزب التيار»، الذي لا يزال قيد التأسيس، فردية بمعظمها، إذ لم يتمكّن أيّ من «المنشقين» من تشكيل حالة تثير قلقاً في الأوساط العونية التي تتهم هؤلاء بأن «مشكلتهم الرئيسية هي عدم تبنّي التيار ترشّحهم للانتخابات النيابية الأخيرة، أو حصولهم على أموال من بعض تيارات الأكثرية لإثارة البلبلة في صفوف التيار». ويلاحظ أن الاتهامات التي يوجّهها «المنشقون العونيون» الى العماد عون تكاد تتماهى مع تلك التي يوجّهها مسيحيو السلطة الى رئيس تكتل «التغيير والإصلاح»، إذ إن جعبة ملاحظاتهم على التيار مليئة بمصطلحات من نوع
«السورنة» و«الفرسنة».
ولكن ماذا يقول «المنشقون» أنفسهم؟
تنظيمياً، يعتبر بسام الآغا، المنسق العام السابق للتيار في طرابلس والميناء، غياب الديموقراطية سبباً لخروجه على التيار الذي يتهمه بأنه «ذو هيكلية هرمية فاشيّة تحصر السلطة بأعلى الهرم، وما على الآخرين إلا التنفيذ من دون نقاش». ويرى الآغا أن العماد عون يكرّس في تعاطيه السياسي مبدأ «العائلية السياسية».
وفي السياق نفسه، يشير سمير سكاف، عضو الهيئة التأسيسية سابقاً، الى أن النظام الداخلي للتيار أُقرَّ قبل سنة، لكن الانتخابات لم تحصل حتى اليوم، «وهذا يكبّل الديموقراطية التي يبشّر التيار بها». ويأسف لخيار زملائه السابقين أن يكون العماد عون هو «الكل بالكل»، ويسأل: «كيف يمكن الجنرال أن يطلب من القوى السياسية أن تناقشه في ورقة التفاهم مع حزب الله، وهو أصلاً لم يناقشها مع شباب حزبه قبل إعلانها. ولم يُطلع على الورقة إلا عدداً قليلاً جداً من المحيطين به؟»، مستغرباً عدم انعقاد أي اجتماع للهيئة التأسيسية للتيار منذ توقيع الميثاق.
أما في السياسة، فيتهم الآغا رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» بأنه «ينتهج سياسة ذات طابع سوري، ويفرض على تياره تطويع مجموعات كانت محسوبة على سوريا ومن رموز الاستخبارات السوريّة وشركاء لهم في سرقة المؤسسات العامة». ويضيف أن «سورنة التيار كانت من ضمن المشروع الجديد الذي يحمله جنرال الرابية المختلف تماماً عن جنرال باريس».
ويرى الآغا أن الاستخبارات السورية هي التي أعادت عون من المنفى، «شرط عدم تحالفه مع النائبين وليد جنبلاط وسعد الحريري». ويسأل: «كيف يمكن المناضلين السابقين (أمثاله) القبول بتغيير القضية التي ناضلوا لأجلها؟ وكيف يُفسّرون التناقض الكبير بين المواقف السابقة والحالية للعماد عون؟». ويعتبر الآغا أن العماد عون «يدوس على شبابه من أجل شيبه، وهو القائل ويل لأمة تضحّي بشبابها من أجل شيبها».
ويتساءل سكاف عن سبب «تلكّؤ» تكتل «التغيير والإصلاح» في تقديم مشروع قانون إلى مجلس النواب لمحاربة الفساد، وعدم سعيه الى تحقيق أي بند من تلك التي تعهّدوا متابعتها في برنامجهم الانتخابي.
ويجد معظم «قدامى» العونيين (عددهم مع قواعدهم لا يتجاوز مئة) مشكلة كبيرة في تفاهم التيار وحزب الله وتحالف قواعدهما، ويقول سكاف إن «قيادة التيار خرجت عن مسارها السياسي وموقفها التاريخي في شأن حزب الله وسلاحه الذي عبّرت عنه صراحة في برنامج التيار الانتخابي «الطريق الآخر» في أيار 2005». ويسأل: «كيف يقبل مناضلو التيار أن يقف جنرالهم، قائد الجيش السابق، ليؤيد وجود سلاح غير شرعي، فيما قادة الأسلحة غير الشرعية خلال الحرب يعتبرون اليوم أن الجيش هو الحل؟». وبأسف يقول سكاف إن حرب تموز التي «تسبب فيها حزب الله» دمرت أحلامه بـ«إعمار لبنان مع التيار»، لافتاً الى انه بدل «لبننة حزب الله جرت فرسنة التيار»، مشدداً على أن انتقاده السياسي للعماد عون لا يعني تأييده الأكثرية النيابية «التي هناك خلافات معها أيضاً، وخصوصاً في ما يتعلق بتهميش المسيحيين». أما الآغا فيجد موقعه الطبيعي في صفوف «ثوار الأرز» للحفاظ على «مكتسبات انتفاضة الاستقلال».
في المقابل، يتجنّب قياديو التيار وكوادره التعليق على آراء «القدامى» بعدما «حاكمهم الرأي العام العوني خصوصاً». ويسأل أحد شباب التيار: «كيف يقدم البعض على مغامرة التبشير بعونيين من دون عون بعدما اختبروا عقم هذه الفكرة ست عشرة سنة»، معدّداً أسماء ظهرت بين عامي 1990 و2005 محاولة إقناع القواعد العونية بالانقلاب على العماد عون، لكنهم «سرعان ما استسلموا حين اكتشفوا حقيقة العلاقة بين العماد وقواعده».