طرابلس ـ فريد بو فرنسيس
هل يضع التعميم الذي صدر عن وزير الداخلية والبلديات حسن السبع، والذي فوض بموجبه البلديات قمع مخالفات البناء، الأهالي بمواجهة المجالس البلدية؟ وهل تستطيع البلديات قمع مخالفات البناء في ظل تعقيدات وتركيبات سياسية معقدة، وبعناصر ضئيلة جداً وغير مؤهلة للقيام بأعمال كهذه؟
باكورة هذا القرار مواجهة قاسية بين أبناء منطقة القلود في القبة وعناصر شرطة بلدية طرابلس خلال قيامهم بإزالة بعض المخالفات هناك، حيث اعترضهم الأهالي ووقفت النساء بوجه الجرافات، فيما رمت بعضهن عناصر الدورية بالحجارة والأخشاب، ما أدى إلى إصابة شرطيين بلديين هما بلال الحاج وهادي مواس، الأمر الذي اضطر البلدية إلى الاستعانة بقوة من سرية درك طرابلس قدمت المؤازرة للقيام بالمهمة المطلوبة.
الأهالي علموا بهذا القرار قبل المجلس البلدي، كما يقول رئيس بلدية طرابلس المهندس رشيد الجمالي، فعملوا على بناء عدد من الوحدات السكنية، فضلاً عن إضافة غرف إلى أبنية قائمة بهدف التوسع. وقد عملت البلدية على توجيه سلسلة إنذارات إلى الأهالي بضرورة إيقاف ورش البناء، وحاولت دورية من شرطة بلدية طرابلس إزالة المخالفات، إلا أن ردة فعل الأهالي كانت عنيفة جداً، حيث واجهوا بأجسادهم وبالحجارة والأخشاب الدورية لمنعها من إزالة المخالفات.
وعقد رئيس البلدية مؤتمراً صحفياً، لهذه الغاية أشار فيه إلى «أن المجلس البلدي في طرابلس ناقش في جلسته المنعقدة في 25/10/2007 تداعيات التعميم القاضي بإعفاء قوى الأمن الداخلي من التدخل الفوري والمباشر في مكافحة مخالفات البناء، وما نتج منه من انتشار كبير وواسع النطاق لهذه المخالفات، في أحياء متعددة من المدينة، بحيث تتوزع المخالفات بين منطقة القلود في القبة وحي مشمش وحي النزهة في أبي سمراء»، معرباً عن الأسف الشديد والاستنكار للتعميم المفاجئ الصادر عن وزير الداخلية والبلديات والقاضي بتعطيل دور قوى الأمن الداخلي المباشر في مكافحة مخالفات البناء، علماً بأن مثل هذا الدور هو من صلب مهمات هذه القوى بموجب القوانين النافذة.
ولفت الجمالي إلى أن ما يجري الآن من بناء مخالف هو خطر على حياة السكان في الوقت عينه، لأن وضع الأعمدة على السطوح دون أي دراسة وبتسليح ضعيف، من شأنه أن يهدد بخطر السقوط فوق رؤوس ساكنيه، والبلدية لا تملك أي معلومات عن هذه الأبنية ولا عن شاغليها.
رئيس لجنة الآثار في البلدية الدكتور خالد تدمري أوضح لـ«الأخبار» أن مخالفات البناء قائمة على قدم وساق، وأنها أتت نتيجة تزايد أعداد النازحين القادمين من الأرياف إلى المدينة مع اقتراب فصل الشتاء، الذين استغلوا جيداً على ما يبدو قرار وزير الداخلية الأخير، الذي رفع بموجبه مسؤولية ملاحقة مخالفات البناء عن قوى الأمن الداخلي ورماها على عاتق البلديات، مبيناً أن الاخيرة «لا تملك العناصر البشرية اللازمة لملاحقة هذا الأمر ومعالجته، وعناصرها تعرضوا أخيراً في طرابلس مثلاً لمضايقات ومشاكل وإطلاق نار عليهم أثناء ملاحقتهم مخالفات البناء هذه»، مشيراً إلى أن ذلك «شكل دافعاً لزيادة عدد أفراد الشرطة البلدية، بعدما تحولت ورش البلدية أخيراً إلى ملاحقة هذا الموضوع، ما جعل العمل البلدي يصاب بالشلل كلياً».