حاورته وفاء عواد
• الموالاة تؤيّد 80% من مبادرة عون بعدما رفضتها بطريقة «بلهاء»
قراءة هادئة، يقدّمها عضو «تكتل التغيير والإصلاح» النائب حسن يعقوب للتطوّرات الأخيرة، مصرّاً على ترجيح حسابات الربح لمصلحة المعارضة، في ظل ما يراه من «تراجع» للموالاة نتيجة التقلّب في مواقفها، ولا سيما حيال مبادرة الرابية


•كيف تصف محاولات الأيام الماضية لملء الفراغ في سدّة الرئاسة؟
ـــــ المحاولات كانت جادّة وحقيقية. لكن، حصل بعض التسرّع الذي لم يكن في محلّه من جانب أطراف معيّنة، علماً أن إنضاج الموضوع التسووي في ما يتعلّق بمقاربة المرحلة القادمة يجب أن يكتمل في ظل وجود بوادر انقلاب في المشهد السياسي، تبعاً لتحوّل سياسي كبير على مستوى لبنان والمنطقة.

•هل كان لهذا الانقلاب أية ترجمة عملية في مسار المفاوضات التي حصلت؟
ـــــ أوّل مدلولات هذا الانقلاب يكمن في أنه كان للمعارضة 6 وزراء، واليوم رضيت الموالاة بأن يزيد العدد إلى 13 وزيراً. وهذا الفرق يدلّ على حجم الاستئثار الذي كان قائماً والحقوق التي كانت مسلوبة من المعارضة. والمطلوب حالياً أن تتخلّى الموالاة عن هذه السياسة غير العادلة.

•برأيك، متى سيحصل انتخاب الرئيس العتيد؟
ــــ موضوع الانتخــــــاب متعلّق بنضوج الأمــور على مستويات التوازن والشراكة والحلّ. والتعديل الدستوري هو المدخل الطبيعي للحلّ الذي يجب أن ينال الضوء الأخضر. لكن التوافق السياسي، أو التعديل السياسي، يجب أن يتمّ قبل التعديل الدستوري.
وبناءً عليه، نستطيع أن ندخل في شراكة منطقية، لا تشهد انقلابات بعد فترة. وتركيزنا على التفاهم هو من باب منع الآثار السلبية التي يمكن أن تنتج من المرحلة الماضية. اليوم، هناك نظرة استشراف لتضميد الجراح التي حصلت نتيجة الأداء السياسي في السنتين الماضيتين. وبرأيي، لا انتخابات رئاسية قبل الأعياد «إلا إذا كان أبو زيد خالنا». لكننا لن نألو جهداً لإنجاز الاستحقاق قبل رأس السنة. وحتى لو لم يحصل، فإن التوافق سيؤمّن المخارج الدستورية مهما كانت معقّدة. والمهمّ أن لا تتراجع الموالاة عن مبادرة ترشيح سليمان.

•لكن التعديل يتطلّب حلّ «عقدة» الحكومة؟
ـــــ الحكومة لا تستطيع أن تتلطّى خلف التعديل الدستوري لتشريع وجودها الماضي. وأي موقف ستتخذه المعارضة لن يغطّي المرحلة الماضية، لأنها مصرّة على إعادة النظر بكل الأمور. هي لن تستطيع أن تعيد أثمان الزفت الذي صرفته الهيئة العليا للإغاثة في المناطق المحظيّة، سياسياً وطائفياً، ولا إعادة النظر بالمواد الغذائية التي وزّعت في إطار استغلال الجوع سياسياً، ولا بقرارات الصرف السياسية في الكثير من الملفّات. لكنها، ستعيد النظر بالقرارات السياسية التي لا تزال آثارها قائمة، ومنها ما هو متعلّق بالملفّين الاقتصادي والخارجي.

•من هو المستفيد من الفراغ الحاصل في سدّة الرئاسة؟
ـــــ المستفيد الوحيد هو السنيورة وفريقه الذي استطاع أن يضلّل الرأي العام بتصغير حجم خروج طائفة كاملة من إدارة السلطة. وهذا المستفيد لا يهمّه إذا استمرّ الوضع بالتدهور، لأن الشيء الوحيد الذي يخيفه هو وصول الأمور الى مرحلة تؤثر على مصالحه الخاصة. والدليل أن ما نشهده من بعض الأفرقاء المتحمّس، لملء سدّة الرئاسة، هو شعوره بأن مصالحه الخاصة بدأت تتهدّد.

• أين أصبحت مبادرة العماد ميشال عون، في خضمّ ما يحصل؟
ـــــ بداية، لا بدّ من الإشارة إلى أن الطريقة التي اعتمدت في رفض المبادرة كانت «بلهاء». ثم شارف القبول بها خلال الأيام الماضية، نسبة الـ 80%. إذن، كيف كان هذا الرفض الأبله آنذاك، وكيف هذا القبول المتعقّل اليوم؟.

•على أي أساس أيّدتم ترشيح العماد ميشال سليمان؟
ـــــ أيّدنا العماد سليمان بصفته شخصاً توافقياً. لكن، على أي أساس تمّت إهانة وشتم رئيس الجمهورية السابق إميل لحّود؟ ولا بدّ من الإشارة الى أن مرتكزات شتم لحّود تمحورت حول كونه: عسكرياً/ أتى نتيجة خرق دستوري/ تجمعه علاقات جيّدة بسوريا/ وموقفه مقاوم. وهذه الصفات الأربع هي من صفات العماد سليمان.
وإذا كان أحدهم قد كذب كذبة كبيرة، أراد من خلالها أن يصوّر عون كأنه القائل «أنا أو لا أحد»، فإنه صدم عندما تراجع عون عن ترشّحه وأيّد سليمان.

•ما مدى انعكاس هذا الأمر على حسابات المعارضة؟
ـــــ فريق الموالاة لم يعوّدنا الصدقية. وحتى الآن، خرجنا بخلاصة مفادها أن التعاطي معه لم يتعدّ سياسة التحوّل والتكويع السريع. لذلك، نحن نسألهم: كيف يجب أن نضمن موقفكم، في ظلّ تحوّلات كبرى كهذه؟ ومن يؤكّد لنا أن سليمان لن يتعرّض لما تعرّض له سلَفه؟

•ما هي الضمانات التي حصلت عليها المعارضة حتى الآن، حتى لا يتمّ «عزل» الرئيس العتيد؟
ـــــ عملية الشراكة في الحكومة (55% مقابل 45%) هي جزء من الأمور الضامنة، ولو أنه لا وثائق مكتوبة حتى الآن، إضافة الى إقرانها بالاتفاق المبدئي على سنّ قانون الانتخاب الذي سيعتمد القضاء دائرة انتخابية واحدة، على الأرجح. أما بالنسبة لسلاح المقاومة، فلم يعد هناك مجال لتفسير الـ1559 على ذوق أحد، لأن تراجعاً حقيقياً حصل ضمن صفوف الموالاة في هذا الشأن. وأما الحلّ فلن يكون إلا بالحوار. النقاش المتعلّق برئاسة الحكومة لم يحسم بعد، فيما البحث في الموضوع الأمني يتجاوز قيادة الجيش الى البحث في توزيع بحسابات جديدة تختلف عن حسابات الماضي، بما يسهّل آلية المداورة.

•ما هو المطلوب لاستكمال الضمانات التي تطالبون بها؟
ـــــ لا بــــدّ من التحصين الحقيقي لمرحلـــة سليمان، من أجل ضمان مسار الحلّ. كذلك فقدان الثقة الهائل الذي حصل يحتاج الى أن يرمّم مرحلياً، فليس في قدرتنا أن ننتقل بلحظة من مرحلة فقدان الثقة والانقسام العميق الى مرحلة الضمانات والأمان السياسي. السؤال الذي يفترض أن يكون قائماً: كيف نبني شبكة أمان سياسي، وبالتالي أمني واقتصادي، وهي أمور تضمن المرحلة المقبلة؟. وللذي يهدّد بالفراغ نقول إننا رأينا مقام رئاسة الجمهورية فارغاً عملياً خلال فترة سنتين! وهنا أؤكّد أن شخص الرئيس ومقامه لا يستطيعان تأمين التوازن المطلوب.

•ماذا تستطيع أن تقدّم المعارضة للرئيس العتيد؟
ـــــ إن القوة التجييرية التي تستطيع المعارضة تقديمها للرئيس العتيد هي الوحيدة التي تكفل قدرته على إدارة الحكم، وتتيح له تأمين القوة المرجّحة في عملية اتخاذ القرار ومنع جنوح استئثار البعض. وهذا الاستئثار لا يأتي التخلّي عنه إرادياً، بل يجب أن يكون هناك كابح قوي لعدم جنوحه كما حصل سابقاً.

•على أي أساس تستشرف حصول هذا الأمر؟
ـــــ المعارضة قدّمت نموذجاً استثنائياً في عملية التشارك بالوطن الحقيقي. فعندما ظهّرت الموالاة أن الملف الرئاسي هو بيد مسيحيّيها، كانت تقدّم للرأي العام صورة بأن مسيحيّي المعارضة مطيّة في يد البعض، ولا سيما «حزب الله». وما سمعناه في تصريحات بعض رموز الموالاة لم يخرج عن إطار التعبير عن السخط والامتعاض من تهميش مسيحيّي 14 آذار. في المقابل، تبيّن أن الموضوع المفصلي في ملف الرئاسة كان بيد عون وحلفائه المسيحيين. وهذا يدلّ على صدقية في إدارة العملية السياسية داخل المعارضة، ويشكّل نموذجاً حقيقياً يجب إسقاطه على الشراكات الوطنية. وهنا أدعو الموالين الى أن يكونوا أمينين على الشراكة معنا، فنحن نأخذ أقلّ من حقّنا ونعطي الشريك أكثر من حقّه.

•ما مدى صحّة ما يشاع ويذاع عن «خروق» محتملة في صفوف نوّاب «تكتل التغيير والإصلاح» و«الكتلة الشعبية»؟
ـــــ هذه الشائعات هي من ضمن ذرّ الرماد في العيون، فالنقاش الذي يحصل داخل التكتل ينتهي لحظة إعلان الموقف النهائي. وأبوابنا مفتوحة أمام من أدرك أن خياراته السياسية كانت خاطئة.
أما «الكتلة الشعبية» فهي أصل المعارضة، بعدما تمّ إبعادنا قسرياً عن إطار المشاركة في الحكومة. لا نستطيع أن نأمن ذاك الفريق، ولن تكون أي ضمانة إلا في إطار سلّة كاملة، فيها التزام وطني يكبّل العهود والوعود. وموقفنا المتعلّق بمطالب المعارضة هو من المواقف اليمينيّة.

•ما هي، برأيك، أولويات المرحلة المقبلة؟
ـــــ التصالح والتوازن وإخراج لبنان من التجاذب الإقليمي والدولي. أما احترام القانون والدستور فهو المدخل الطبيعي والصحيح لعملية بناء الدولة.