نعمت بدر الدين
جديد الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى قد يكون صيغة للحل، على ما أصبح متداولاً، لكن هل تحمل هذه الصيغة روح التسوية الفعلية؟ سؤال توجبه السوابق...
فبالاستناد إلى معطيات مصادر دبلوماسية عربية معنيّة، فإن مسعى موسى يتركز على ابتكار صيغة لم يقترحها أيٌّ من الفريقين، مستوحاة من منطق «منتصف الطريق» حتى لا يبدو في الأمر غلبة لفريق على آخر.. وفي حساباته «أن الموالاة، ومن خلفها السعودية، قدمت أقصى ما يمكنها من تنازلات».
ومع أن موسى، الدبلوماسي المحترف، والخبير في الشؤون العربية، يعرف أن سوريا تقول إنها لا تستطيع الضغط على المعارضة بما لا يناسبها، وبالتحديد لا مونة لها على النائب ميشال عون، يصرّ على مطالبة سوريا بتقديم تنازلات، موحياً أنه غير مقتنع بعجز دمشق عن التأثير في قرار المعارضة.
وإذ تلفت المصادر إلى أن هذا الأسلوب هو ما أدى إلى فشل المبادرة الفرنسية، ترى أن استمرار موسى على هذا المنوال يقود إلى الفشل، وتأمل أن يكون الأمين العام حاملاً هذه المرة ما يعكس ليناً سعودياً يسهِّل نجاح مهمته.
وتقول دوائر مطلعة إن موسى يحمل «أفكاراً جديدة لم يكن ممكناً طرحها في وقت سابق كي لا تحترق في أتون التصعيد المتبادل»، وهي تستند إلى توازن جديد في التركيبة الحكومية. ومع ذلك لا يمكن استبعاد الفخاخ منها، كما تلفت مصادر مقرّبة من المعارضة.
وتضيف أن التحرك العربي، وقبله الفرنسي، خضع لسقف أميركي أعلنه دايفيد ولش أثناء زيارته الأخيرة للبنان، «إمّا رئيس جمهورية وإمّا السنيورة». فالأميركي لا يريد أن تكسب المعارضة أي نقطة، وكما يمنع الرئيس الفلسطيني من محاورة حماس، يمنع فريق الموالاة من تقديم تنازل.
وعليه لا تتوقع هذه المصادر أن تحمل أفكار موسى تنازلاً من الموالاة كافياً إلى درجة تمكّن المعارضة من قبوله، لا بل تخشى أن يحمل أفكاراً جديدة في الشكل، بينما يبقى المضمون على حاله.
ويعيد المصدر توجيه الأنظار إلى الموقف السعودي من تطورات الأزمة اللبنانية حيث يرى أن الحل يكمن في «حقيقة» هذا الموقف، فالرياض التي رعت اتفاق مكة بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس خلافاً لرغبة واشنطن، تستطيع، إن أرادت، تجاهل السقف الأميركي في لبنان، وهي وحدها المؤهلة للقيام بذلك، ومطالبتها بمثل هذا الموقف أصبحت واجباً قومياً بعدما أعلن ساترفيلد رفض المبادرة العربية، «اللّهمّ إلّا إذا كانت حساباتها تقتضي انزلاق الوضع الداخلي في لبنان إلى دوامة عنف طويلة بدت معالمها من خلال مشاغبات بعض أحياء العاصمة».
مصادر دبلوماسية عربية أكدت أن جولة وزير خارجية السعودية سعود الفيصل الأخيرة ولقاءه الرئيس الأميركي جورج بوش هدفا إلى الدفع باتجاه «تدخل ما» لمجلس الأمن الدولي، ما يعني اقتناعاً بأن المبادرة العربية لم تطلق لتنجح، وأن استعدادات الموالاة قد تتجه لانتخاب رئيس بالنصف زائداً واحداً، بتغطية أميركية تسعى لارتداء قناع دولي.
ولكن إذا كانت الرياض تسدد حساباتها مع دمشق عبر لبنان، فلماذا يتطوع موسى لإحراج فريق من اللبنانيين؟
جواب الدبلوماسية العربية أن الرياض تسعى لإمرار الاتفاق رغم الرفض الأميركي، غير أن هذا الزعم يبقى دون معنى إذا ما بقيت شروط الاتفاق خاضعة للرغبةالأميركية.