نعمت بدر الدين
هل انتقل لبنان من الفراغ المنظَّم إلى الفوضى المنظمة أو غير المنظمة التي بشّرت بها الولايات المتحدة الأميركية؟
سؤال يطرح مع كل مؤتمر صحافي يصعّد السياسيون اللهجة فيه، ويصيب بارتداداته الشارع عبر حوادث بين أنصار فريقي 8 و14 آذار.
السؤال أجابت عنه مصادر دبلوماسية عربية مواكبة للمفاوضات القائمة بين الفريقين المتنازعين، معتبرة أن لبنان يعيش اليوم حالة من الفراغ المنظم والفوضى المضبوطة على حد سواء.
وتضيف: «الفوضى المنظمة المضبوطة والفراغ المنظم اتفق عليهما قادة الفريقين، وقد أصبحا ساريي المفعول منذ انتهاء عهد رئيس الجمهورية السابق اميل لحود ودخول لبنان في عهد الفراغ الرئاسي، ومن ضمنهما ضبط إيقاع الشارع المتعطش لصدامات مضبوطة».
وأكدت استمرار الوضع السياسي القائم على ما هو على رغم ارتفاع اللهجة السياسية والخطب النارية التي لم تخلُ من الشتائم.
واستبعدت المصادر أي حل للأزمة في الوقت الحاضر، مضيفة أن خطابات الخميس الماضي لن تغيّر الأوضاع السياسية (مستثنياً كلام الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله عن إدارة المعركة المفتوحة مع إسرائيل).
وقالت إن الأزمة ستبقى تراوح مكانها إلى أن تحدد التسوية الإقليمية من سيفوز في «لعبة البوكر» اللبنانية، لكنها تساءلت من سيضمن المضيّ بالسيناريو المتفق عليه، وما هي نسبة استعداد الطرفين للانضباط إذا دخل لاعبون جدد مثل تنظيم القاعدة الإرهابي، أو حصلت خروق إسرائيلية أكثر مما حصل حتى الآن، وخصوصاً أن وضع البلاد يسهّل للمجموعات الإرهابية التحرك أكثر من أي بلد عربي آخر. عندها من يضمن عدم الانفلات والذهاب إلى المحظور في ظل احتقان الشارع الذي تغذّيه تصرّفات الطرفين؟
وتؤكد المصادر نفسها أن للمؤسسة العسكرية الدور الأساسي في الحفاظ على السلم الأهلي وحمايته، محذّرة من نصب الفخاخ لها، «لأن ذلك سيوقع البلد كله في الشرك». وألمحت المصادر في هذا الإطار إلى أن هناك سابقة حصلت في المؤسسة العسكرية وهي فرض الأحكام على ضباط بسبب عملهم الميداني في مار مخايل.
ورأت المصادر أن البلاد «ذاهبة إلى تسوية شاء من شاء وأبى من أبى»، مهما طال الوضع الحالي.
وشبهت الفراغ المنظم بزمن اتفاق القاهرة الذي وقع عام 1969 «حين عاش لبنان لسنوات عدة حالة من الفوضى المضبوطة بين الأطراف وشهد عدداً من الصدامات «المضبوطة» أيضاً».
وعن إمكان نجاح المبادرة العربية التي يرى البعض أنها على مشارف نهايتها وأنها ستلاقي المصير الذي لاقته نظيرتها الفرنسية، قالت مصادر سياسية قريبة من الأمين العام لجانعة الدول العربية عمرو موسى إن الرجل سيعود إلى بيروت في الثالث والعشرين من الجاري وهو على دراية تامة بأن الوضع على حاله.
وكشفت أن موسى سيحمل معه هذه المرة صيغاً وحلولًا جديدة لم يجر تداولها أو التطرق إليها في زيارتيه السابقتين خوفاً من إجهاضها، لأن كل ما يطرح من أرقام وأسماء يُحرق فوراً.
وأكدت أن البعض في لبنان لا يريد الحل ما لم تناسب التسوية مصالحه، وأن الطرفين غير جادين في كلامهما.
وقالت المصادر الدبلوماسيّة إن ترشيح قائد الجيش العماد ميشال سليمان «يدخل ضمن الحلول التوافقية التي تخدم البلد والسلم الأهلي»، وانتقدت جوهر المبادرة «الإنقاذية» التي قدمها رئيس تكتل الإصلاح والتغيير النائب ميشال عون عندما أعلن سحب ترشحه لرئاسة الجمهورية، «بحيث ظهر كأنه تخلّى عن حقيبة يملكها»، وأضافت أنه «رغم أن عون هو زعيم المسيحيين، فإن المنطق يقول إنه لن يحصد كرسي الرئاسة ولو دعمته قوى المعارضة كلها، لأن عدد الأصوات في المجلس النيابي سيسقطه، وإن كان العكس صحيحاً فليثبت ذلك، ومن هنا يأتي انتقادنا لمبادرته».