نعمت بدر الدين
رأت مصادر دبلوماسية لبنانية أن السيد عمرو موسى اضطر للعودة قبل 11 شباط ليعلن في ما بعد أنه «حاول ولم ينجح»، وأن حلّ الأزمة هو انعتاق موسى من دوّامة الأرقام نحو بلورة تفاهم سياسي يسهّل عليه «مهمّته الرقمية». وسألت المصادر عن حقيقة الموقف الأميركي من المبادرة العربية، قائلة: هل نسفت القائمة بالأعمال الأميركية ميشال سيسون المبادرة العربية في أول تصريح لها إثر خروجها من السرايا الحكومية، عندما قالت «إن الولايات المتحدة تدعو إلى انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية من دون أي شروط»، الأمر الذي بدا أنه تنصّل أميركي من المبادرة التي أدرجت الانتخابات الرئاسية في إطار حلّ قوامه التوافق على شخص الرئيس وعلى حكومة وطنية وقانون انتخابي جديد؟ لقد فاقت الدبلوماسية الأميركية بموقفها هذا أشدّ المغالين في قوى 14 آذار، في ما بدا أنه رسالة إلى موسى مفادها أن واشنطن «ترفض مساعيه لتفسير مضمون المبادرة ولا تريده أن يفاوض كيلا يوحي أن المعارضة تفرض شروطها، وأن من مصلحة الأميركيين أن يقفوا ضد تفسير الترابط بين بنود المبادرة، إضافة إلى أن هذه قد تعطي سوريا أكثر من اللزوم وتظهر نجاح دمشق في إدارة «اللعبة» اللبنانية.
ورأت المصادر أن تاريخ 11 شباط الجاري لن يكون موعداً نهائياً لإسدال الستارة على المبادرة العربية بل من المرجّح أن يعطى موسى مهلة إضافية لأن خطوات ما بعد المبادرة لم تجهز بعد، مضيفة أن الدول العربية لم تلزم نفسها بتاريخ 11 شباط.
من جهتها أكّدت مصادر دبلوماسية روسية وجود مساعٍ واتصالات فرنسية تضغط باتجاه نقل المبادرة العربية إلى مجلس الأمن لكي يتبنّاها المجلس بكل بنودها، مضيفة أن الفرنسيين بذلوا جهداً كبيراً لإقناع الروس بفكرة إصدار بيان فرنسي ـــــ روسي مشترك يتضمن الدعوة إلى انتخابات رئاسية فورية في لبنان ومن دون تدخل أجنبي، على أن يمثّل البيان رسالة سياسية قوية إلى معرقلي المساعي داخل لبنان وخارجه، لكن الروس رفضوا المطلب الفرنسي. ولم تستبعد المصادر أن تقدم كل من فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا مشروع قرار بتدويل الأزمة اللبنانية إلى مجلس الأمن. وتخيّلت مصادر دبلوماسية لبنانية سيناريو التدويل على الشكل الآتي:
1ـــــ تبنّي مجلس الأمن المبادرة العربية بكل بنودها.
2ـــــ الدعوة إلى انتخاب فوري لرئيس الجمهورية دون أي تدخل أجنبي ووفق الدستور اللبناني الذي ينص على دعوة الغالبية إلى الانتخاب.
3ـــــ إصدار بيان يرحّب بإجراء الانتخاب ويدعم الرئيس المنتخب.
وتساءلت المصادر وفق أية صيغة سيحصل هذا الانتخاب؟ ورجحت لجوء فريق 14 آذار إلى الانتخاب بالنصف +1، والحملة التي بدأت الأغلبية بشنّها على رئيس المجلس النيابي واتهامه بالتعطيل تمهيداً لإجراء الانتخابات خارج المجلس.
ومن سيكون الرئيس؟ قالت المصادر إن الأكثرية تدرك أن المرشح التوافقي العماد ميشال سليمان لن يسير بانتخاب النصف زائداً واحداً، مما يسقط اسم المرشح التوافقي. وإذا أصرّت الأكثرية على الانتخاب بالنصف زائداً واحداً مختارة مرشحاً آخر فسينفتح الوضع على المجهول.
وختمت المصادر: هل تتحمل السعودية مسؤولية سير الأحداث نحو مواجهة داخلية نتيجة إصرارها على حلّ خلافها مع سوريا على حساب لبنان؟ وهل هذا هو الاستقرار الذي تنشده فرنسا في لبنان؟