جهدت ثورة الأرز ما وسعها، منذ أيامها الأولى، لتكريس انفصال لبنان عما يحيطه، رافعة شعارات ‏السيادة التي لم يبق منها إلا الرئيس فؤاد السنيورة على كرسيّه. رفضت العروبة تحت مسمّى ‏العروبة الحضارية، ورفضت الارتباط بالقضية الفلسطينية بحجة أننا ملكيّون أكثر من الملك، ولم ‏تترك لنا إلا النقاش دائراً في دوّامة فارغة من طلب تسليم المقاومة لسلاحها.‏لا بد من الانتظار بعض الوقت لنعرف هل نجحت هذه الثورة في تغريبنا عن قضايانا، هل نجحت ‏في انتزاع الصدى الذي كانت تتركه القضية الفلسطينية في الشارع اللبناني؟ واليوم مع الدماء المراقة ‏في غزة ومع قدوم القطع الحربية الأميركية إلى شواطئنا، سنرى على المحك إلى أيّ مدى تمكنت ‏ثورة الأرز من التأثير على ضمير مواطنينا، وإلى أيّ مدى أبعدتهم عن تلمّس الخطر الفعلي الذي لا ‏تزال تمثّله إسرائيل على حياتنا وحياة أطفالنا. ‏
وماذا لو قرّر حزب الله دعم أطفال غزة؟ بعد مقتل عماد مغنية وقدوم البوارج وسفك الدماء في غزة، ‏وبعد التهديدات المبطنة العربية إلى لبنان، هل يبقى دعم أطفال غزة «مغامرة» أم أصبح اليوم حقاً ‏مشروعاً في الدفاع عن الذات، والدفاع عن إنسانيتنا وحقنا الطبيعي في التنفس وفي الوجود؟ ‏
ربما كان هذا الكلام لا يسرّ رئيس حكومتنا، الذي يفضل الصمم على سماع نداءات أطفال شعبه، ‏ولكن لا شك في أنه سيدفعه إلى التفكير في فرض «جمرك» على الكلام. ‏
فداء ...