فتحت قضية اللاجئين إلى لبنان أكثر من ملف، كشفت ما هو أبعد من وضع هؤلاء اللاجئين الذين لا تُعرف أعدادهم الحقيقية، لتظهر العلاقة التي تحكم بين السلطات المختلفة في لبنان. فتسلط الضوء خاصةً على تعاطي الإدارة السياسية مع السلطة القضائية، حيث اعتبرت هذه السلطة أحكام القضاء غير ملزمة لها (!) في أحيان كثيرة. هم بالآلاف، أو عشرات الآلاف أو أكثر: عراقيون وسودانيون وصوماليون وسوريون وأبناء جنسيات أخرى. يهربون إلى لبنان من الخطر الذي يهدد حيواتهم في بلدانهم، قد يدخل بعضهم بطريقة غير شرعية، يطلبون اللجوء، ويبحثون عن أمانٍ وعن فرصة عمل أحياناً.
كيف تعاملت السلطات التنفيذية والأمنية والقضائية في لبنان مع قضية اللاجئين؟ كيف تطورت ممارساتها في هذا الإطار؟ سؤالان قدمت جمعية «رواد فرونيترز» إجابات عنهما في إطار تقرير أطلقته أمس بعنوان «اللجوء الى الاحتجاز التعسفي، سياسة فوق الدستور ـــــ وقائع وتحليل»، كما تضمن التقرير شهادات أو قصصاً عن حياة بعض اللاجئين القابعين في السجون، وتحت الاعتقال التعسفي، وقد شارك فيها المحامي نزار صاغية، والمديرة التنفيذية للجمعية سميرة طراد ومسؤولة حقوق الإنسان في المكتب الإقليمي للشرق الأوسط لحقوق الإنسان لانا بيدف وصحافيون، وحضر النائب مروان فارس والسفيرة البريطانية فرنسيس غاي.
المتحدثون شددوا على ممارسات السلطتين التنفيذية والأمنية تجاه الأحكام الصادرة عن القضاء اللبناني والداعية إلى الإفراج عن لاجئين. وشددوا على ما جاء في التقرير، حيث إن مقولة «لبنان ليس بلد لجوء» تحكم ممارسات السلطتين التنفيذية والأمنية في لبنان تجاه قضية اللاجئين، ووفق التقرير، فإن هذه المقولة تمثّل أحد مرتكزات سياسات الاحتجاز التعسفي للاجئين، أو لإجبار المحتجزين على التوقيع على وثائق لإعادتهم إلى بلدانهم.
وبينما تحدثت بيدف عن التعاطي الدولي ونظرة القانون والمعاهدات الدولية في قضية اللاجئين، لفت صاغية إلى أن الدستور اللبناني يشدد على أنه لا يجوز احتجاز أحد دون سند قانوني، فيما الإدارة اللبنانية كانت ترد بأن سبب احتجاز بعض اللاجئين يكمن في أنهم لا يملكون سند إقامة، لتبدو الإدارة كأنها تستنسب من يكون حراً، فيما صدرت أحكام عن قضاة لبنانيين، أعطوا للدولة اللبنانية كل المهل والحق في الرد في الدعاوى المرفوعة في قضايا لاجئين، ثم خلص القضاة في أكثر من عشرة أحكام إلى عدم احتجاز هؤلاء اللاجئين. وشدد صاغية على أن كلمة القضاء هي التي يجب أن تُسمع.
المؤتمر الذي حضره ممثلون عن وزارة الداخلية والأمن العام، أُعلن فيه أن وزير الداخلية والبلديات زياد بارود التقى ممثلين لجمعيات أهلية، وأعطى أوامر بتنفيذ جردة باللاجئين المحتجزين أو المسجونين، والذين قُبلت طلبات لجوئهم، لاستيعابهم في فئة اللاجئين الذين يستوفون شروط الإقامة. الخطوة هذه تحمل عنواناً جيداً. وقد رحب المشاركون في المؤتمر بالإعلان. لكن، هل يمكن اعتبارها ملاقاة لجهود المناضلين من أجل احترام حقوق اللاجئين؟ واحتراماً لما نصّت عليه نصوص الأحكام الصادرة عن القضاء لفك احتجاز لاجئين؟ الإجابة رهن بالتفاصيل، وبما سيعنيه القرار، أو الأوامر الصادرة عن الوزير، وخاصة إذا ما تذكّرنا ما أكده المحامي دومينيك طعمة بأن اللاجئين لا يقصدون لبنان بحثاً عن رفاهية، بل يأتون إليه مضطرين هاربين من الموت والخطر.



إضراب عن الطعام

43 سودانياً، موقوفون في سجن بعلبك، نفذوا إضراباً عن الطعام أول من أمس في سجن بعلبك، وفق ما جاء في بلاغات واردة إلى قوى الأمن، 33 من هؤلاء أنهوا محكومياتهم ولم يفرج عنهم بعد. ويطالب المضربون بترحيلهم إلى بلادهم.
في هذا الإطار، يذكر أن المؤتمر الذي أُقيم أمس شهد نقاشاً بشأن أهمية الحوار بين السلطتين التنفيذية والأمنية من جهة، وممثلي المجتمع المدني للوصول إلى قواعد واقتراحات قوانين بشأن وضع اللاجئين، لكن العنوان الذي استحوذ على نقاش طويل دار حول المحتجزين من اللاجئين الذي ارتكبوا «جرماً شائناً»، فسأل ممثلو الأمن العام إذا أُطلق سراحهم فمن يتحمل مسؤولية أفعالهم.
وهنا لفت المحامي نزار صاغية إلى أن هؤلاء الأشخاص إذا حوكموا وعوقبوا فلا تجوز إعادة محاكمتهم ومعاقبتهم واحتجازهم.