زحلة ــ علي فوعاني
يضم مبنى سرايا زحلة الحكومية معظم الدوائر الرسمية في محافظة البقاع. فهو مركز المحافظة والقيادات الأمنية والأحوال الشخصية والدوائر العقارية والعديد من وزارات الدولة. إلاّ أن واقع الخدمات المقدمة لهذا المبنى والعاملين فيه لا ينسجم مع الدور الموكول إليهم في توفير الخدمات للمواطنين على نحو مقبول

فالكهرباء تخضع للتقنين القاسي، وبالتالي غير مؤهلة لتشغيل جهاز التدفئة المركزية. ولم يسجّل منذ بدء موسم الشتاء الحالي أن شغّل جهاز التدفئة هذا مرة واحدة في ظل درجات حرارة في داخل المكاتب توازي «أخواتها» في الخارج. أما المكاتب «المحظوظة» فهي تنال قسطها من الكهرباء عبر الاشتراك بمولدات خاصة تمكنها من تشغيل أجهزة تكييف الهواء، فيما يؤمن الآخرون من «غير المحظوظين» تدفئتهم على نفقتهم الخاصة عبر استعمال مدافئ على الغاز أو المازوت.
أما عن المصاعد فحدّث ولا حرج. فهناك مصعدان لا يعملان أكثر من يوم أو يومين في السنة، فيضطر أكثر من مئة مريض يومياً لصعود الأدراج على أقدامهم إلى الطابق الثالث حيث مكاتب وزارة الصحة، بحيث يصل مرضى القلب والمسنون إليها لاهثين من شدّة التعب لإتمام معاملاتهم الاستشفائية.
ولعلّ أكثر مكاتب السرايا بؤساً هو مكتب «الوكالة الوطنية للإعلام» الذي تحمل جدرانه آثار النشّ والرطوبة المرتفعة وحتى الدلف. المصابيح هنا لا تعمل منذ سنوات نتيجة احتكاك سببه نشّ المياه، مكيّف الهواء يعمل مزاجياً في فصل الصقيع، أما مدفأة الغاز التي تأمنت بعد جهد جهيد فقد أُحيلت على التقاعد لأنها لا تلبّي حاجة مكتب واسع كهذا. هذا إذا لم نتحدث عن غياب تكنولوجيا الإعلام في عصر سرعة نقل الأخبار والمعلومات. فجهاز التلفزيون الذي اشتراه الموظفون بأموالهم، والفاكس الذي يقومون بإصلاحه على نفقتهم، هما أحدث وسيلتين يتم عبرهما الاتصال بالعالم الخارجي.
هذا غيض من فيض الإهمال المزمن في تأمين الخدمات الأساسية لسرايا زحلة، ويصحّ القول إنها صورة مصغّرة عن حال الوطن، ويأمل كثيرون الانتهاء سريعاً من تشييد المبنى الجديد الذي يقام بمحاذاة المبنى السابق لتأمين نوع من الانفراج لبعض الدوائر التي ضاقت مكاتبها الحالية عن تلبية الاحتياجات المتزايدة، وبالتالي حلّ مشاكل ادارات اخرى طامحة الى نقل مكاتبها. الاّ ان المبنى الجديد ما زال على الركائز ويلزمه الكثير كي يدخل الخدمة الفعلية، ويقال انه مخصص لوزارة المالية دون سواها. ويتساءل البعض، لماذا جرى أخيراً تأهيل البنى التحتية لمكاتب وزارة الأشغال العامة دون سواها في السرايا؟ وهل باقي الوزارات والإدارات هي عاجزة فعلاً عن تأمين ابسط الشروط لإقامة موظفيها في مكاتب لائقة؟ سؤال نطرحه برسم المعنيين في السرايا وسائر الادارات العامة عسى أن يلقى جواباً في القريب العاجل.