strong>سوزان الهاشم
قصة أخرى من المعاناة يعيشها السجناء، وهذه المرة في سجن تبنين في الجنوب. فأوضاعه لا تختلف كثيراً عن بقية السجون اللبنانية، من حيث الازدحام وغياب أي برنامج إصلاحي

45 سجيناً، يعيشون داخل غرفتين، مساحة الواحدة منهما 40 متراً مربعاً. و16 آخرون يتوزعون على أربع غرف، لكل منهم متر مربع واحد. في هذه المساحة، يقضي نزلاء سجن تبنين أوقاتهم، وينامون، كأكثر السجناء في لبنان «كعب وراس».
يحتل سجن تبنين الطابق الأرضي من سرايا البلدة، التي تضم فصيلة قوى الأمن الداخلي، والأمن العام، والمحكمة الشرعية، والمحكمة الجزائية، ومكتب ليبان بوست. وقد نقل منذ عشر سنين إلى السرايا بعد أن كان مجاوراً للمستشفى الحكومي.
وكما أشرنا، يشهد هذا السجن اكتظاظاً شديداً بنزلائه، فالمكان يضيق بهم لكثرة أعدادهم نسبة لمساحة الغرف، حيث ينام السجناء «كعب وراس». وعلى رغم وجود «شفّاطات» في غرف السجن، لكن ذلك لا يمنع تسلل الرطوبة والعفن إليها. في كل غرفة حمّام واحد، ويخرج السجناء إلى باحة النزهة لأقل من ساعة واحدة يومياً.
ويضم سجن تبنين خلف أسواره المحكومين بعقوبة لا تتعدى ستة أشهر أو الذين قضوا فترة من العقوبة في سجون أخرى، وبقيت لهم مدة أقل من 6 أشهر. كما يضم الموقوفين الذين يزيد عددهم على عدد المحكومين، في ظل غياب عملية فصل بين الفئتين.
يشكو محامون عدم وجود غرفة خاصة بمقابلة موكليهم، إذ إن المقابلة تتم عبر حاجز حديدي مشبّك، ويمكن العسكريين سماع ما يدور من كلام. ويقول المحامي بلال رعد إن هذا الإجراء مخالف للقانون، الذي ينص على سرية مقابلة المحامي لموكله. وكحال بقية السجون، تغيب البرامج الإصلاحية عن أروقة سجن تبنين، إذ يقتصر الأمر على زيارات رجال الدين وبعض الجمعيات الأهلية كجمعية فرح العطاء. وهنا لا بد من طرح السؤال الآتي: هل السجن مكان مخصص للعقوبة فقط عبر عزل السجين عن مجتمعه، بعيداً عن الإصلاح، الذي لا يتم بالضرورة عن طريق العقاب؟ فسجناء تبنين يشكون الضجر، إذ لا تتوافر حرفة أو مهنة يتعلمونها ليمارسوها بعد عودتهم إلى الحرية. كما يغيب عن السجن أي اختصاصي نفسي أو مرشد اجتماعي. وجلّ ما يفعله السجناء هو تنظيف غرفهم. أما وقتهم الباقي فيقضونه «بمحاولة قتل الوقت بالكلام والشجار» كما يقول أحد النزلاء السابقين.
يذكر أن سجن تبنين تعرض لقصف إسرائيلي إبان عدوان تموز 2006، فنقل السجناء حينها إلى سجن رومية بعدما عاشوا فترةً من الوقت وسط أصوات القذائف والمدافع، وبعد ترميم وإصلاح ما تضرر في السجن، أعيد نزلاؤه إليه.