زحلة ـ علي فوعاني
لو دخلت مكتباً في سرايا زحلة وصافحت الموظف، لوجدته مصفرّاً شاحباً ويديه كلوح جليدي. فيما يمضي وقته في «فرفكة» يديه والنفخ فيهما، آملاً أن يكون في الزفير المتصاعد من أعماق صدره ما يُدخل الدفء إلى أطرافه. هي المعاناة التي يعيشها الموظفون في تلك السرايا. معاناة تحكي نفسها في ظل الجوّ «الجليدي» الذي خصّ منطقة البقاع بصقيع مميز.
فهناك في سرايا زحلة حيث تنعدم وسائل التدفئة داخل المكاتب، يضطر بعض موظفيها الى تجهيز مكاتبهم بوسائل فردية لمواجهة الصقيع، كي يستمر العمل الإداري المطلوب غير آبه بصحة الموظفين وبالانعكاسات التي يخلّفها البرد القارس على صحتهم. وبين صقيع المكاتب والضغط الناجم عن معاملات ذوي الحاجة من المواطنين، فإن بعض من سمحت لهم وضعية المكاتب، قاموا بتركيب «صوبيا». أمّا من تطل مكاتبهم على المرأب، فلم يستطيعوا إقامة التمديدات بسبب الصدأ الذي يلطّخ سيارات زملائهم. فيما أكثرية الموظفين لا تحبّذ استخدام المدافئ العاملة على الغاز لعدم جدواها في مكاتب كبيرة ومرتفعة السقوف. كما أن لانقطاع التيار الكهربائي حكايته لعدم تمكين الموظفين من استخدام مدافئ خاصة بسبب عدم تحمل خطوط الاستهلاك للطاقة الكبيرة.
حيال هذا الواقع، أبدى العديد من الموظفين تململاً واضحاً، وقالوا لـ«الأخبار» إنهم راجعوا المسؤولين عن المحافظة لتأمين تشغيل الشوفاج المركزي بغية كسر حدّة البرد «المستوطن» في أروقة السرايا ومكاتبها، فجاءت النتيجة أن بات الشوفاج يُشغّل في الساعات القليلة التي تتوافر فيها الكهرباء إن توافرت، وإلّا فعلى كل منهم أن يتدبّر أمره أو يسلّمه للرب. ما حدا بالبعض إلى التمني لو كان عدد الأشخاص مرتفعاً في المكتب الواحد لعلّ في أنفاسهم ما يخفّف ولو قليلاً من حدّة البرد.
أحد الموظفين الممتعضين الذين التقتهم «الأخبار» قال: «الحال لا تطاق والبرد يكاد يجمّد الدم في عروقي، فلا أستطيع المكوث هنا باستمرار، إلا أنني أشغل نفسي بالذهاب إلى مكاتب أخرى كي أنعم ببعض التدفئة هناك». ويسأل آخر: «كيف يطلب منا تأدية الخدمة على أكمل وجه فيما نحن نواجه ظروفاً قاسية تتعلق بصحتنا وباستمرارنا في أعمالنا؟». ويوضح موظف ثالث خَبِر الأمور هنا لفترة طويلة: «هناك إهمال واضح في مكافحة البرد وفي كل سنة تتجدد المشكلة مع حلول موسم البرد والصقيع». يضيف: «لقد حاولوا مراراً إصلاح الأعطال وكانوا يفرغون الهواء من تمديدات المياه، غير أن المشكلة سرعان ما تعود إلى بدايتها»، ويكشف آخر أن «الروتين الإداري وتضارب الصلاحيات بين الوزارات هما ما يعوق دائماً تلبية احتياجات المكاتب».