النبطية ـــ سوزان الهاشموقع خلاف بين عاملَين قاصرين (15 سنة) وأصحاب العمل في إحدى قرى النبطية، على أثر امتناعهم عن دفع المستحقات العائدة لهما. وقد تطوّر الأمر إلى تعدّي أصحاب العمل عليهما، فتدخل 3 أفراد من أقربائهما للدفاع عنهما. استدعى أصحاب العمل رجال الأمن، فكانت النتيجة توقيف القاصرَين وأقاربهما لدى المفرزة القضائية (التحرّي) في النبطية، بتهمة الإيذاء والتعدي.
«تطبيقاً للمثل الشائع «عند التحرّي الميّت بعيّط»، لم يوفر عناصر من المفرزة لكماتهم وصفعاتهم وعصيّهم، فانهالوا بها على أجسادنا، من دون أي تمييز بين القاصرين والراشدين»، بحسب ما أشار أحد الموقوفين لـ«الأخبار». ويؤكّد الموقوف السابق أن رجال الأمن لم يفصلوا بين القاصرين والراشدين، مما يمثّل انتهاكاً للقانون. كما أن استجواب الموقوفين جرى من دون وجود مندوب عن مصلحة حماية الأحداث في جميع مراحل التحقيق. ويؤكّد الموقوف أن الأمر لم يقتصر على التعذيب الجسدي، بل تعداه إلى سيل من الإهانات والشتائم والتجريح. وفي النهاية، اختتم المحضر من دون أن تُتلى على أي من الموقوفين حقوقه التي توجب المادة 47 من قانون أصول المحاكمات الجزائية تلاوتها على الموقوفين، وهي مقابلة محام يعينه من دون الحاجة إلى وكالة قانونية، والاتصال بذويه والخضوع لمعاينة طبية. أحيل الموقوفون لاحقاً إلى قاضي التحقيق، وكانت آثار ما تعرضوا له لا تزال ظاهرة على وجوههم. ولما أخبروا القاضي بما جرى معهم، أجابهم: «كان لازم تعينوا طبيب شرعي»، لافتاً إلى أن الأوان قد فات. جواب محيّر بحسب أحد الموقوفين. «فكيف لنا أن نطلب معاينة طبيب ولم نكن نعرف أن هذا حقنا، ولم تُتلَ علينا حقوقنا. وهل سيشهد التحريّ ضد نفسه إذا استجوبوه؟».
يؤكّد محامون أن التعذيب أضحى «من أصول التحقيق لدى رجال الأمن في لبنان عامة، ولدى التحريّة خاصة، من دون تمييز بين مرتكب جريمة شائنة أو جرم ناجم عن خطأ أو قلة احتراز».
وتتنوع أشكال التعذيب «إذ يمكن أن يُضرب الموقوف بشكل لا تظهر عليه أي آثار، كالضرب على الأعضاء التناسلية»، يقول المحامي رفيق حمدان مردفاً «غالباً ما يترك الموقوف دون ثياب أو طعام خلال طول مدة توقيفه في النظارة، ومن جهة أخرى فإن التقارير الطبية التي يلجأ إليها بعض الموقوفين كقرينة لإثبات التعرض للتعذيب لا تعكس دائماً مصداقية الأطباء. فأحياناً يُرشى الطبيب الشرعي من أجل تغيير الأوصاف بما يخدم مصلحة التحري أو الدركي».
وليس التعذيب وحده هو الذي يعتري عمل الشرطة. إذ يشكو الكثير من المحامين من الطريقة التي تنظم فيها محاضر التحقيق. «تخضع المحاضر لمزاجية المحققين وأهوائهم في معظم الأحيان. وقلّما يدقق قاضي التحقيق بالمحاضر التي تصل إليه، فليس لديه متسع من الوقت لقراءة عشرات المحاضر التي يصل عدد صفحات الواحدة منها إلى أكثر من خمسين. ولا يختلف أمر المحاكم عن ذلك. فالقضايا المهمة فقط هي التي تستدعي اهتماماً بها وتدقيقاً»، بحسب ما يقول المحامي حمدان.