وضعت واشنطن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين على قائمة المنظمات الإرهابية ويسعى الـ«أف بي آي» إلى مطاردة مناصريها، خصوصاً الذين استمرّوا في العمل الفدائي. أبو إبراهيم أحدهم، ويشتبه الأميركيون في أنه لجأ أخيراً إلى طرابلس
طرابلس ــ عبد الكافي الصمد
أثار التقرير الذي نشرته وكالة «أسوشييتد برس» الأميركية الأسبوع الفائت عن «فرار إرهابي إلى طرابلس» اهتمام جهات أمنية وسياسية في عاصمة الشمال ومتابعتها، إذ ذكر التقرير أن حسين العمري (73 عاماً) الملقب بأبي إبراهيم موجود حالياً في مسقط رأسه طرابلس، بحسب ما تؤكّده الاستخبارات الأميركية، التي تطارده منذ عقود بسبب «قيامه بأعمال إرهابية وتفجيرات استهدفت مصالح أميركية وإسرائيلية منذ ثمانينات القرن الماضي».
كما أشار التقرير إلى أن العمري الذي قدم من العراق، نسج خارج طرابلس علاقات مع أشخاص يقيمون في مخيم البداوي، ما جعل الجهات الأمنية المتابعة ترصد «إمكان أن يُجري اتصالات مع معارفه في المخيم أو خارجه، واحتمال لجوئه إليه إذا صحّت المعلومات المتداولة»، وفق ما أشار مسؤول أمني لـ«الأخبار»، مؤكداً أنه «لا وجود حالياً لأي معلومات عن أنه مقيم على الأراضي اللبنانية».
جذب التقرير الصحافي اهتمام المراقبين، بسبب ما أورده نقلاً عن مسؤول بارز في المكتب الفدرالي الأميركي للتحقيقات (إف.بي.آي)، عن احتمال أن يكون العمري، الذي كان مقيماً في بغداد بعد الغزو الأميركي لها عام 2003، من أبرز «الداعمين للمسلحين في العراق»، موضحا أنه «تمكّن من العودة إلى لبنان عبر سوريا، بعدما ضاعفت قوات التحالف جهودها في طرد المسلحين من محافظتي الموصل وصلاح الدين، حيث يُشتبه في أن أبا إبراهيم كان ينفّذ عملياته».
ذكر التقرير أن العمري فلسطيني الجنسية، غير أن ذلك ليس صحيحاً فهو لبناني الأصل. ووصفه بالـ«أسطورة»، نظراً «إلى قدرته على التخفّي، ومهارته في مجال المتفجرات، وهو متّهم بتفجير طائرة أميركية قبل نحو عشرين عاماً، وسبّب حينها مقتل فتى في السادسة عشرة من العمر، وجرح نحو 12 آخرين». غير أن أحد رفاقه القدامى وصف لـ«الأخبار» خبرة العمري العسكرية بالـ«بسيطة جداً»، وأضاف إن ما يحكى عن أنه كان أحد العقول المدبرة التي قادت حركة المقاومة ضد الأميركيين في العراق، هو «معلومات مضخّمة»، فالعمري «لم يكن يتمتع بثقافة سياسية واسعة، ولم يتابع تحصيله العلمي، إلا أنه كان متشدداً في مواقفه حيال القضايا القومية، وقد دفعه ذلك إلى الالتحاق بوديع حداد، مستفيداً من أجواء الحرب الباردة، فقاما بعمليات خطف، وهجمات على طائرات أميركية وغربية».
العمري كان قد انتسب إلى حركة القوميين العرب قبل أن يلتحق بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، برئاسة مؤسسها الدكتور جورج حبش، وأقام فترة في مخيم البداوي، قبل سفره إلى العراق أواخر السبعينات. وفي هذا السياق، أكّد مسؤول في الجبهة لـ«الأخبار» أن أخبار العمري «انقطعت عنا نهائياً بعد مغادرته إلى العراق في عام 1977»، نافياً نفياً قاطعاً أن «يكون قد عاد إلى المخيم أو اتصل بأحد لهذه الغاية». غير أن أحد رفاق أبي إبراهيم القدامى قال لـ«الأخبار» إن شقيقه أسرّ إليه أن «أبا إبراهيم غادر العراق قبل نحو خمسة أشهر تقريباً» إلّا أنه أكّد أنه لا يعرف شيئاً عن وجهته، أو مكان وجوده الحالي.
العمري كان قد تزوج سيدة فلسطينية تدعى وسيلة أ. وكان أهلها يقيمون في طرابلس، حيث تعرّف إليها، لكنه طلّقها قبل أن يقترن بسلمى (من إحدى العائلات الطرابلسية المعروفة). وُلد لأبي إبراهيم من زوجته الأولى ابنة، ومن زوجته الثانية صبي وبنت، وكان يقيم في محلة أبي سمراء في طرابلس، «حيث تقيم زوجته منذ عودتها إلى لبنان عام 2004»، «لكنه كان يملك بيتاً آخر في مخيم البداوي، ومعملاً لصناعة الخفّان، وقد استعادت العائلة المنزل والمعمل وجرى بيعهما».


رفيق وديع حدّاد

تذكّر بعض الفدائيين القدامى في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أبو ابراهيم، قالوا إنه رجل «هادئ الطباع، دمث الأخلاق ومتعاطف مع القضايا الإنسانية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية». وكشفوا أنه «كان ينسّق مع مسؤول الفرع الخارجي وديع حداد، وكان قد التحق به في العراق قبل وفاته في 28 آذار 1978، لكن أخباره انقطعت نهائياً إلى أن أوردت بعض محطات التلفزيون صوره مع آخرين على أنهم مطلوبون للقوات الأميركية في العراق بسبب مقاومتهم الاحتلال».