البقاع ـ نقولا أبو رجيليتكفل القوانين اللبنانية حق أي شخص، لبنانياً كان أم أجنبياً، يقع تحت إجراءات الاستجواب أو التوقيف على الأراضي اللبنانية، بأن يبلغ أهله أو أحد معارفه عن مكان وجوده، إلا أن جهل البعض حقوقه القانونية من جهة، وتقاعس المراكز الأمنية من ناحية أخرى يؤديان إلى حالة خوف وهلع يعيشها ذوو أي شخص أوقفه وانقطعت أخباره لأيام عدة.
ثلاثة أيام بلياليها، لم يذق فيها أهل المواطن السوري محمد. غ. س. طعم النوم، محمد الذي انقعطت أخباره منذ منتصف الأسبوع الماضي، كان قد استقل سيارة أجرة متوجهاً من بيروت إلى دمشق عبر الطريق الدولية، وبعد مضي يومين من ذلك التاريخ، تلقت شقيقته المقيمة مع زوجها اللبناني في بيروت، اتصالاً هاتفياً من ذويها في سوريا، أبلغوها خلاله أن ولدهم لم يصل بعد إلى منزله هناك، هاجس حصول مكروه لولدهم رافق العائلة الموجود بعض أفرادها في لبنان، ما دفع شقيقة محمد إلى اللجوء الى إحدى صديقاتها من أجل مساعدتها لمعرفة مصير شقيقها. بالفعل أجرت السيدة اللبنانية اتصالاً هاتفياً بأحد معارفها في الأمن العام اللبناني، للاستفسار منه عما إذا كان محمد قد عبر نقطة المصنع الحدودية، متلقي الاتصال استوضح عن الوقت الذي مرّ على انقطاع أخبار صاحب العلاقة، فجاءه الجواب بأنه مضى على ذلك 3 أيام، عندها اعتذر من قريبته لعدم قدرته على تلبية طلبها، كون التعليمات والأوامر الصادرة عن رؤسائه، تمنعه من إعطاء أية معلومات عن أي شخص مضى على عبوره نقطة المصنع الحدودية أكثر من 24 ساعة، وأن ما عليها فعله، هو تقديم طلب خطي إلى المديرية العامة للأمن العام في بيروت، فهي الجهة الوحيدة المخوّلة بذلك، وأنه عليها كذلك، مراجعة مركز الحدود السورية في جديدة يابوس للغاية نفسها.
مسؤول أمني: أمورً كهذه تحصل في بعض الأحيان
«الأخبار» تابعت مجريات القضية، إذ تبيّن في ما بعد، نقلاً عن مسؤول أمني، أن محمد المذكور أوقف في ذلك اليوم على حاجز قوى الأمن الداخلي في ضهر البيدر، بسبب انتهاء مدة صلاحية بطاقة العودة المعطاة له من مركز الأمن العام اللبناني في المصنع، وبناءً على ذلك، سيق إلى نظارة مخفر قصر عدل زحلة، تمهيداً لاستجوابه من القضاء المختص، للنظر في وضعه القانوني واتخاذ القرار المناسب بحقه.
حالات مماثلة لما حصل مع محمد، تحدث من حين إلى آخر مع العشرات من المواطنين اللبنانين والأجانب، الذين يقعون تحت إجراءات الاستجواب أو التوقيف على الأراضي اللبنانية، إما جهلاً منهم لما تكفله القوانين في لبنان، أو نتيجة تقاعس بعض المراكز الأمنية ورجال الضابطة العدلية، من إفهام هؤلاء ما لهم من حقوق نصت عليها المادة 47 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، وتتضمن ما حرفيته «يقتضي على الضابط العدلي القائم بالتحقيق، إبلاغ المشتبه فيه أو المشكو منه، 1ــــ الاتصال بأحد أفراد عائلته أو بصاحب العمل أو بمحام يختاره أو بأحد معارفه. 2 ــــ مقابلة محام يعيّنه بتصريح يدوّن على المحضر دون الحاجة إلى وكالة وفقاً للأصول. 3 ــــ الاستعانة بمترجم محلّف إذا لم يكن يحسن اللغة العربية. 4 ــــ تقديم طلب مباشر أو بواسطة وكيله أو أحد أفراد عائلته إلى النائب العام بعرضه على طبيب لمعاينته». علماً بأن أوامر وتعليمات كانت قد أعطيت في السابق إلى جميع المراكز الأمنية، بوجوب وضع لافتة في مكان ظاهر تتضمن جميع هذه البنود، ليتمكنّ كل مواطن من الاطلاع عليها عند اللزوم.
من خلال اتصال هاتفي أجرته معه «الأخبار»، أوضح مسؤول أمني أن أموراً كهذه تحصل في بعض الأحيان، وأن معظمها لا يجري عن قصد، بل هو نتيجة لكثرة المهمات الملقاة على عاتق القوى الأمنية، إذ يمكن في الحالة المنوّه عنها أعلاه، أن يكون قد جرى توقيف هذا الشخص لمخالفته قوانين الإقامة على الأراضي اللبنانية، ومن ثم سيق إلى مخفر نظارة قصر عدل زحلة، من جانب عناصر حاجز ضهر البيدر الذين غفلوا عن إفهامه حقوقه بإعلام ذويه بمكان وجوده ولا هو طلب ذلك، ظناً من هؤلاء، أي العناصر، أن هذا الإجراء هو من مسؤولية رئيس المركز حيث سيودع، وكذلك حصل عند الأخير. واستدرك المسؤول بالقول «هذا ليس تبريراً، كان يجب على الجميع القيام بواجبهم تجاه أي مواطن لبنانياً كان أم أجنبياً».