الحكومة عاجزة عن سحب جميع الأطفال المشرّدين من الطرقات، هذا ما أكّده وزير الشؤون الاجتماعية سليم الصايغ بعد لقائه وزير العدل إبراهيم نجّار، حيث دعا الأخير القضاء إلى معاقبة الأهل و«المتاجرين» بالأطفال
محمد نزال
لا تزال طرقات لبنان تحمل أطفالاً يتسوّلون. لا يزال اللبنانيون يشاهدون أطفالاً بعمر الورد، يقضون ما كان يُفترض أن يكون أجمل سني عمرهم، وهم يتملقون الناس ويستعطفون المارة. ربما قلّ عددهم في الأيام الأخيرة، بعدما أوعز وزير الداخلية زياد بارود إلى القوى الأمنية سحبهم من الشوارع، لكن ها هي الدولة، بقضّها وقضيضها، تعترف على لسان وزير الشؤون الاجتماعية سليم الصايغ، بـ«العجز» عن توفير أماكن إيواء لجميع الأطفال المتسوّلين. لم تستطع الدولة، حتى يوم أمس، توفير الإيواء سوى لـ280 طفلاً، علماً بأن الدراسات والإحصاءات تشير إلى أن شوارع لبنان يجول عليها من 1500 إلى 3000 طفل مستوّل، ينقصون ويزيدون «بحسب الموسم».
هذه الأرقام أعلنها وزير الشؤون الاجتماعية سليم الصايغ، أمس، في المؤتمر الصحافي الذي عقده مع وزير العدل إبراهيم نجّار في مكتب الأخير، بعد لقاء بينهما دام نحو ساعة، وبحثا فيه الحلول القانونية والخطوات العملية لمسألة المتسولين والمشردين على الطرقات. وفي معرض حديثه، زفّ الوزير الصايغ بشرى للبنانيين، معلناً أنه باتت لدى مؤسسات الرعاية التي تدعمها وزارة الشؤون الاجتماعية طاقة لاستيعاب ورعاية 280 طفلاً إضافياً، إذ «يمكن البدء بمعالجة حقيقية للموضوع انطلاقاً من الإمكانات الموجودة في المؤسسات المتخصصة، ولن يكون من مبرّر لأن نجد في لبنان أطفالاً متسولين». وأضاف الصايغ، بصفته وزيراً ورئيساً للمجلس الأعلى للطفولة، إنه اتخذ الخطوة بعد «دراسات معمّقة وورشة عمل متخصّصة»، لافتاً إلى وجود خطوات مستقبلية لحماية الأحداث في لبنان، وأن الاجتماعات ستبقى مفتوحة لإيجاد المزيد من الحلول الناجعة لهذه المسألة في المستقبل القريب.
من جهته، أكّد الوزير نجّار أن «من غير المسموح إطلاقاً أن يكون في شوارع لبنان متسوّلون يتركهم أهلهم في الشوارع، بعد أن يأتوا بهم صباحاً بفانات ليعودوا ويرحلوا بهم مساءً في بعض الأحيان إلى ما وراء الحدود»، مشدداً على ضرورة أن يلقى هؤلاء الأهالي العقاب اللازم، لأن هذا «ما ينص عليه قانون العقوبات بصراحة»، معترفاً بوجود «ثغر» في القانون في هذا المجال. ولفت نجار إلى أن الأطفال «ليسوا مادة عقاب، بل نريد معالجة وضعهم الاجتماعي بعد أن يتم سحبهم من الشوارع، خاصة بعد أن أكد لنا الوزير بارود أن أجهزة وزارة الداخلية عملت اليوم على سحبهم».

الإحصاءات والدراسات تؤكد وجود نحو 3000 طفل مشرّد في لبنان

وشرح نجّار الخطة التي تعمل عليها الوزارات الثلاث، العدل والداخلية والشؤون الاجتماعية، فأشار إلى أنه بعد إحالة هؤلاء الأولاد على المخافر، يجب أن تحصل مخابرة وحضور للهيئات الاجتماعية في المخافر وفي مراكز الإيواء، لاتخاذ التدابير الحقيقية، وذلك ليس لمعاقبة الولد المتسوّل بل لإبعاده عن الذين يتاجرون به. ووجّه وزير العدل في كلمته رسالة «واضحة» للنيابات العامة وقضاء الأحداث، إضافة إلى مراكز الإيواء، طلب فيها أن تكون هناك «تدابير زجرية، إذ من المعيب أن يكون في دولة مثل لبنان هذا الكم من الأطفال المتسوّلين في الشوارع». وختم نجّار بالدعوة إلى ورشة إصلاحية لمعالجة كل الثغر الموجودة في هذا الموضوع، وللتوصل إلى القدرة لا على إيواء فقط 280 طفلاً، بل كل الأطفال الذين يحتاجون إلى إيواء.
سألت «الأخبار» نجّار عن أماكن الإيواء التي تم توفيرها، وإن كانت مخصصة للأطفال اللبنانيين فقط أم ستشمل الأطفال من الجنسيات الأخرى؟ أجاب وزير العدل موضحاً: «القانون لا يميّز بين جنسية وأخرى، في ما يتعلق بالعلاج والوقاية والإيواء والتدابير القانونية والعقوبات التي يجب أن تُنزل بذوي الأولاد المتسوّلين»، لافتاً إلى أن من يأتي بالأولاد صباحاً ليتسوّلوا، يجب أن تلقي القبض عليه المخافر والنيابات العامة، وإن من مسؤولية الجمعيات التي تعنى بشؤون الطفولة أن تعمّم الوعي في هذه المسائل.