«أعظم عدو للمعرفة ليس الجهل، بل وهم المعرفة»ستيفن هوكينج

«10 حقائق يجب أن تعرفها عن داء...». «إليكم هذا الفيتامين للوقاية من السرطان». «أكثر من تناول البندورة للوقاية من سرطان البروستاتا». عناوين كثيرة تطالعك في كلّ لحظة على مواقع مذيلة بكلمة «صحة» أو «طب» أو «معلومة علمية».

غالباً، ما تأتيك تلك العناوين لتسلبك، كأن تدسّ بين كلماتها كلمة «خبيث» أو «عضال» أو «صحة جنسية» أو «خلطة مذهلة»، وغالباً ما يكون ردّ فعل القارئ هو تصديق تلك «المقالات» التي تأتي في معظمها بلا ذكر للمصادر. مقالات أقرب إلى «الخرافة» منها إلى الواقع العلمي. وهذا أسوأ ما في الحكاية. وما يزيد الطين بلة هو انتشار وسائل التواصل الاجتماعي والشبكات «العلمية» والإخبارية، وتهافتها على إيراد معلومات طبية، من دون أدنى اهتمام بمدى صحتها.
في ظلّ تلك الطفرة، قد يبدو من المفيد، أو من الواجب، الإضاءة على بعض تلك «الخرافات» التي لم تثبتها الدراسات العلمية ولا الطب السريري ولا غيرهما.

الجوّ البارد يسبب الزكام والرشح:

لطالما ارتبط الزكام، أو كما اصطُلح على تسميته بالرشح، بفصل الشتاء. فكلما اقتربت بشائر فصل البرد، ازدادت المقالات الطبية التي تدعو إلى الاحتراز من هذا الفايروس عبر نشر سلسلة من الإجراءات الوقائية. لكن، للإنصاف، يبقى هذا الارتباط في إطار «الشعبوية»، فالدراسات العلمية تشير إلى أن الزكام يصيب الإنسان في أي فصل بغضّ النظر عن درجة الحرارة، وذلك لارتباطه بفيروسات متعددة الأنواع قد تباغت في أي فصل. وما عدا ذلك، لا «ميزة» لفصل الشتاء، باستثناء الإشارة إلى أن سبب زيادة العدوى في الجو البارد بشكل عام هو سلوك الناس (التجمعات في أماكن مغلقة)، إضافة إلى أن بعض الفيروسات تمتلك معدل بقاء أطول في تلك الأجواء.

الفيتامينات والصحة:

لا تكاد تخلو صيدلية من وجود عبوات «multivitamin»، وهي التي شاع استخدامها كثيراً في الآونة الأخيرة، بحجة حاجة الجسم إليها وتحسين الصحة العامة وحتى الوقاية من الأمراض. في الواقع المدعّم بدراسات طبية، فإن حاجة الجسم إلى الفيتامينات يمكن توفيرها من الأغذية التي نتناولها يومياً، ولو بكميات قليلة.

لن يفيد تناول المتممات
الغذائية الجسم بشيء وسيتم طرحه عن طريق البول

وعليه، فإن تناول المكمّلات الغذائية لن يفيد الجسم بشيء، وسيتم طرحه عن طريق البول، هذا مع الأخذ بعين الاعتبار أن الإفراط في تناول تلك المكمّلات قد يؤدي إلى اضطرابات صحية. هذا في المبدأ، ولكن في بعض الحالات قد يحتاج البعض إلى مثل تلك المكملات، إذ يصبح تناولها ضرورياً في حال كان لديك أعراض نقص أحدها أو مجموعة منها، وهذا الأمر يقرّره الطبيب.

فيتامين B17: العلاج السحري للسرطان

انتشر عبر موقع «فايسبوك» مؤخراً مقطع فيديو، يشرح فيه الراوي عن الفوائد «السحرية» لفيتامين B17 «الاميغدالين»، في علاجه للسرطان، مشيراً إلى أن «الغرب والشركات الطبية أخفت هذه الحقائق المذهلة عن الناس طمعاً بالربح المادي». وقد لقي هذا المقطع المصوّر تفاعلاً كبيراً من قبل الناس، ولكن ماذا عن حقيقة هذه المعلومة؟ تقول الدراسات بأنه جرى استعمال الأميغدالين لعلاج السرطان في سبعينيات القرن الماضي في الولايات المتحدة، لكن بسبب سمّيته (ينتج السيانيد عن تفككه داخل الجسم) وعدم وجود أدلة على فائدته في علاج السرطانات، لا بل إنه في بعض الحالات زاد من حجم بعضها، وهو الأمر الذي دفع بمنظمة الصحة والغذاء الأميركية FDA لإيقاف اعتماده كعلاج للسرطان.

التوتر والأغذية والحرقة وقرحة المعدة

يعتقد عدد من الأشخاص أن تناول الأغذية الحارقة والبهارات يمكن أن تتسبب تقرحات هضمية، كما تناول عدد من الصفحات هذه العلاقة المفترضة بين القرحة الهضمية والقلق والتوتر أيضاً. لكن، في الحقيقة، التقرحات الهضمية هي شكوى شائعة في العيادات الهضمية، ومن أهم أسبابها التناول المفرط لمضادات الالتهاب (اسبرين وبروفين والستيروئيدات)، إضافة إلى الجرثومة الملوية البوابية Helicobacter pylori. أما بالنسبة إلى التوتر والقلق، فليسا من الأسباب المسببة لها لكنهما قد يفاقمان من أعراضها (زيادة حموضة العصارة المعدية). وفي ما يخصّ الأغذية، فإن وسائل حماية جدار المعدة من غشاء مخاطي وبكربونات كافية للتعامل معها، لكنها قد تهيّج القولون وتسبب أعراضاً هضمية غير مريحة.

* للمشاركة في صفحة «صحة» التواصل عبر البريد الإلكتروني: [email protected]