لا تزال الفجوة الجندرية سبباً أساسياً للفوارق بالإصابات الصحية أو الهشاشة بين الرجال والنساء. ولا يزال الرجل يترنح تحت ضغوطات السترس اليومي ومخاطر التعرض للسلوكات الخطرة.لم يتوقع أحد أن يكون عامل الخصوبة الأبرز عند الرجل - السائل المنوي- الضحية الأهم والتي قد يسقط معها كل ما بُني من هياكل حول "الذكورة" و"الرجولة" والإنجاب. ليس بقليل عدد الرجال الذين يرفضون إجراء تحليل أو فحص السائل المنوي لما "يمسّ" برجولتهم وغرورهم، ولاعتقادهم دائماً أن عدم الإنجاب ينبع من حوض المرأة لا من حوض الرجل.

في كتابه الشهير "لعنة آدم: مستقبل بلا رجال"، يتنبأ بريان سايكس أستاذ الوراثيات في جامعة أوكسفورد باختفاء موروثة "Y" ومعها الحيوانات المنوية بعد حوالى 110,000 عام لتترك بعدها التناسل والإنجاب في مهب الألغاز. نبوءة سايكس لم تكن "هلوسة" مع ظهور الدراسة التي نُشرت هذا الأسبوع والتي تشير إلى تدنٍّ مقلق للحيوانات المنوية بين أعوام ١٩٧٣ و٢٠١١، تدنٍّ تبلغ نسبته ٦٠٪‏ ، من ٩٩ إلى ٤٧ مليون حيوان منوي، في البلدان الغربية خاصة، وفي أغلب البلدان عامة. يصبح هذا الاتجاه الانحداري خطيراً إذا ما علمنا أن الحد الأدنى المطلوب لعدد الحيوانات المنوية لخصوبة الرجل هي ١٥ مليوناً بحسب منظمة الصحة العالمية. هنا أيضاً ما يتعرض له الرجل من إنهاك وتوتر وسلوك غير صحي (تدخين وإفراط بشرب الكحول)، وطبيعة إنتاج الحيونات المنوية وما يرافقها من ضرر لنوعية المني، وزيادة وزن وبدانة، كلها تؤثر سلباً في تدهور خصوبة الرجل وانحدار دوره الإنجابي.
تنضم الاضطرابات المتعلقة بالبدانة إلى اعتلال الرجال، فبالرغم من تراكم الدهون والكوليسترول عند النساء والرجال، تشير الدراسات إلى أن النساء يتمتعن بنسبة أعلى من الكوليسترول الصحي الذي يحميهنّ عموماً حتى لو كانت البدانة منتشرة بينهنّ بنسبة أعلى من عند الرجل. هنا يعاني الرجال أكثر من عوارض زيادة الوزن والبدانة. فبينما تراكم النساء الشحوم على أردافهنّ بحكم شكل حوضهن وخصائصهن الإنجابية، تهاجر الشحوم من الموائد العامرة الى بُطُون الرجال لتصيب من قلوبهم مقتلاً على المدى البعيد.  
يصح الأمر أيضاً على أمراض السكري والذي يصيب الرجال بنِسَب أعلى من عند النساء. تتفوق النساء على الرجال بنسبة ٥٠٪‏ بنوعية الوجبات وتنوعها لجهة التزامهنّ بمقتضيات الغذاء السليم، في حين يصرّ الرجال على اللحوم والدهون إصرارهم على الإسراف في الكحول والتدخين ومواد أخرى بما يزيد بكثرة عن النساء.
لا يكتفي القَدَر بذلك القدْرِ من إصابات الرجال، بل يلاحقهم في أعمالهم اليومية المنهكة والمتراكمة بطبيعة تلك الأعمال والتي غالباً ما تترافق مع عادات إحاطة سيئة يتبناها الرجال ليسيطروا على أحوالهم. عادات كالتدخين أو الكحول أو قلة الرياضة أو الغضب والعنف والكبت النفسي. 
في دراسة وافية من هارفرد، لا يقوم الرجال بزيارة الأطباء أو إجراء فحوصات التقصي الروتينية إلا نادراً. أكثر من نصف الرجال فوق عمر الخمسين لم يذهبوا لفحص البروستات أو الدهون أو السكري وغيره. هنا أيضاً تتفوق النساء على الرجال بنسبة ثلاثة أضعاف في القيام بالرعاية الصحية والتأمين الصحي.
لا يمكن للرجال أن يغيروا جيناتهم وأقدارهم البيولوجية، لكن يجب أن يحاولوا التغيير في سلوكياتهم الصحية واليومية، بداية عن طريق "تعديل" مقاربتهم لحياتهم وترويض "الإيغو" بما يخدم سلامتهم. 
في الستينيات نشرت جريدة وول ستريت قصة معبرة عن بطل العالم بالملاكمة الراحل محمد علي كلاي عندما صعد الطائرة. عند التحضير للإقلاع طلبت المضيفة منه أن يضع حزام الأمان فأجابها قائلاً: "السوبرمان لا يحتاج إلى حزام الأمان"، فأجابته المضيفة: "السوبرمان لا يحتاج إلى طائرة، ضع الحزام" فوضعه بكل هدوء.
ليس هناك من خيار للرجال سوى وضع أحزمة أمانهم الصحي والسلوكي قبل أن يأتي يوم السقوط المدوي والعميق.
* اختصاصي جراحة نسائية
وتوليد وصحّة جنسية