برغم غياب الإحصاءات الدقيقة التي تتعلق بنسبة المصابين بداء السّكري في لبنان، إلا أنّه من المؤكد أن هذه النسبة ترتفع متبعة المسار العالمي ذاته. فقد أشارت منظمة الصحة العالمية في تقريرها الأخير أنّ عدد المصابين عالمياً بهذا المرض تضاعف أربع مرات منذ العام 1980، نتيجة التغيّر الحاصل في النمط الغذائي والحياتي للأفراد.
ونظراً لأهمية الغذاء في العلاج، طبعاً إلى جانب الدواء، وفي ظل غياب الدولة اللبنانية، تستغل بعض الشركات الجشعة النقص المعرفي لدى بعض المرضى ورغبتهم الملحّة في الخلاص من المضاعفات مما يعانون منه، فترشقهم بحملات دعائية تقدم لهم حلولاً سهلة تخفّف عنهم ثقل المرض. هكذا، مثلاً، ترى بعض الأفران تعتمد العبارات التي توقع المريض في شباكها بقولها «خالي من السكر» أو «مخصّص لمرضى السكري»، دون إرفاق المنتج بمحتوى واضح ودقيق يظهر المكّونات الفعلية وكمياتها، ومن دون الحصول تالياً على إذن أو أشراف مختصّ. فالمنتجات الخالية من السكر لا تعني بالضرورة أنها خالية من الدهون والعكس صحيح، فمريض السكري يجب أن يحذر من الكمية التي يتناولها من النشويات (المركبة) والدهون على حد سواء، وليس فقط من السكّر المضاف.

على المريض التدقيق بمكونات المنتج وعدم الإنجرار الأعمى وراء الأساليب التسويقية


وفي أحيان أخرى، يُكتب على بعض الزيوت النباتية أنها خالية من الكولسترول. فبهذه العبارة، التي تمنح الشركة نفسها امتيازاً معيناً، تستقطب من ورائها زبائن كثر وخصوصاً المرضى منهم. ومن هنا، يصبح على اختصاصي التغذية مثلاً إقناع المريض أن الكولسترول هو مشتق حيواني لا يوجد منه طبيعي في هذه الزيوت... بلا جدوى.
لكن هذا لا يعني أنّ كل المنتجات المروج لها هي منتجات لا تتناسب مع توصيات منظّمات الصحة، ولكن يبقى المطلوب هو رقابة من قبل وزارة الصحّة أقلّه، مروراً بالمؤسسات المعنية بمراقبة الشركات المحلية (الأفران تحديداً)، وصولاً إلى الرقابة على المنتجات المستوردة لكي يكون المحتوى مطابق مع الحالة المرضية للزبون وأن يتم التسويق له بطريقة صحيحة لا لبس فيها.
وهنا، المسؤولية ليست فقط ملقاة على عاتق الدولة، إذ يتحمل المريض جزءاً منها. فالمطلوب منه أن يدقّق ويسأل أصحاب المعرفة والإختصاص وعدم الإنجرار الأعمى وراء الأساليب التسويقية.
إن بعض الإختصاصيين وحتى الأطباء ينصحون بتناول المنتجات المطابقة. وهذا ما لمسناه في مراقبتنا للمرضى على مدى أشهر، إذ في بعض الأحيان يظهر بعض التحسن على حالة المرضى في تناول بعض المنتجات (بالإستناد إلى الفحوص المخبريّة مثلاً مخزون السكري HBA1C)، ولكنّها ليست مضمونة إذ تجعل المريض يعيش حالة من الإعتماد على هذه المنتجات التي تكون في معظم الأحوال مكلفة. كما أن بعض هذه المنتجات، وإن توافق مضمونها مع التوصيات، تحتوي على مواد حافظة ومحلّيات اصطناعية ما تزال محل نقاش في الدراسات العلمية، لمعرفة مدى تأثيرها على الجسم البشري (Cravings for sugar).
في حين انّ اتّباع نظام غذائي متوازن وصحي (يتناسب مع المرحلة التي توصل اليها المريض) يستطيع المريض أن يتناول خلاله ما يتناوله باقي أفراد الأسرة تقريباً قد يكون كافياً، يُضاف إليه بعض التمارين الرياضية بشكل يومي. فهذا يأتي بالتحسن، الذي نراه في فحص انخفاض مخزون السكّر وفي باقي المؤشرات المرتبطة به. تحسّن يفوق ما تقدمه لنا منتجات الشركات بدرجة أكبر وبكلفة أقل ولفترة أطول.
* أخصائية تغذية