كارين عبد النورإنّها قصة الطفل شيدان سالامندر! صبي في الثامنة من عمره. والده فرنسي لكنه يعيش مع أمه في الكونغو. الطفل مريض، لذلك قرر الوالد نقله إلى أوروبا كي يخضع للفحوص الطبية اللازمة.
كانت المفاجأة عند وصول الطائرة الآتية من الكونغو إلى فرنسا عن طريق كوتونو، إذ لاحظ رجال أمن المطار أنّ تأشيرة الدخول الخاصة بشيدان غير صالحة، واستناداً لأحكام القانون، استُدعي الصبي. لم يكن ممكناً ترحيله مجدداً إلى حيث أتى، إذ إنه ليس من أحد في انتظاره. لذلك كان لا بدّ من تسليمه مباشرة إلى والده.
مشكلة شيدان جاءت في وقت لم تنس فيه الشرطة الفرنسية بعد جيسي (12 عاماً) وجودلسيا (5 أعوام) اللتين نُقلتا منذ أسبوعين إلى قاعة الحجز (ZAPI) الخاصة بالأجانب، وذلك بهدف منعهما من دخول فرنسا مجدداً.
هل يُعقل وجود قاصر في قبضة الشرطة سوف ينتهي به الأمر عاجلاً أم آجلاً في سجن ZAPI، لا ذنب له سوى أنه بريء؟ قضية شيدان وجيسي وغيرهما جاءت ضمن ملف نشرته صحيفة «ليبراسيون» الفرنسية أخيراً لتسلط الضوء على معاناة المهاجرين الصغار.
تنص شرعة حقوق الطفل الدولية على ضرورة اتباع سياسة تدقيق للتحقق من هوية الطفل والأهل على حدّ سواء. فمكان القاصر الذي لم يرتكب أي جرم أو جنحة ليس في مراكز الشرطة ولا في غرف التوقيف. مكانه هو الأرض التي يجب أن تستقبله وتحتضنه وترعاه وتؤمّن له فريقاً مختصّاً لحلّ مشكلته العالقة. من ناحية أخرى، وبينما رُحّل الكثير من القاصرين إلى حيث أتوا، كتي مهتمون بياناً طارئاً وُزّع على الصحافيين، جاء فيه تذكير واضح بأن اضطهاد الأطفال هو ثابتة من سياسة «مقاومة الهجرة» الخاصة بالرئيس نيكولا ساركوزي، وذلك بعدما أصدر قراراً في 30 حزيران 2006 وافق فيه على طرد عدد من العائلات. ويحذو فريق الرئيس الفرنسي حذوه من خلال السماح للشرطة بتنفيذ العديد من المداهمات بالقرب من قنصلية مالي، كما كانت الحال في التاسع عشر من شباط الماضي.
الملف الذي نشرته صحيفة «ليبراسيون» يعيد تسليط الضوء على المشاكل التي يعانيها المهاجرون الفقراء، جزء كبير منهم مهاجرون غير شرعيين، وباتت قصصهم معروفة، فهم يهربون من بلدانهم النامية، حيث ينتشر الفقر، وتتضاءل فرص العمل، وهي ضئيلة أصلاً.
يركب الرجال البحار، يعانون مخاطرها في سفن غير مجهزة، ويحاولون أن ينزلوا خلسة عند الشواطئ الأوروبية عادة.
قضية المهاجرين أولئك، الراشدين، مأساوية، ولكن عندما يتعلق الأمر بالأطفال فإنها تزداد أهمية، لأن الأطفال لا يملكون حرية الحركة، ولا يعرفون اتخاذ القرارات المصيرية، ويجدون أنفسهم مهددين بفقدان الأسرة والمنزل.


بعيداً عن الأب

عرضت «ليبراسيون» قصص أطفال مهاجرين تعرضوا لمعاناة كبيرة، منهم دافيدسون (3 أعوام) وأخته روزلين (4 أعوام)، طفلان وحيدان يبكيان والدهما الذي أعيد إلى هاييتي، البلاد التي هرب إليها قبل تسع سنوات


في مركز الحجز

رشيد مامري، مهاجر أب لطفل عمره 4 شهور واسمه سقيان، أما زوجته الفرنسية فمصابة بالسرطان، بعدما أقام في الحجز، قرر القاضي المختص إخلاء سبيل رشيد الذي استدعي إلى مركز الحجز من جديد