ما إن ترتفع أسعار الغذاء عالمياً، حتى تتصدر البلدان العربية الصفحات الأولى في الصحف. خلال الأسبوع الماضي، ارتفعت أسعار القمح بمعدل 33%. مباشرة، نشرت صحيفة «وول ستريت جورنال» مقالاً على صفحتها الأولى يناقش قضية الأمن الغذائي في العالم العربي. أما أسباب ذلك الاهتمام، فبسيطة: نحن أكبر قاعدة مستهلكة للقمح في العالم، وكذلك أكبر قاعدة مستوردة له؛ إذ إنّ الجزائر وتونس ومصر هي أكثر بلدان العالم استهلاكاً للخبز، مع معدلات مرتفعة تصل إلى 200 كيلوغرام للشخص الواحد سنوياً، مقارنة بنصف تلك الكمية بالنسبة إلى المستهلكين في الولايات المتحدة وأوروبا. فالخبز الذي يرافقه السكر والشاي يمثّل وجبة سهلة لإشباع الفقراء، وهم كثر في بلداننا. ظروف ارتفاع أسعار القمح هذه مثيرة للقلق، وقد تهدد المكاسب التي حققتها الثورات العربية، وخصوصاً في مصر حيث ستكون هناك حاجة خلال العام المقبل إلى مبلغ 1.7 مليار دولار إضافي لتغطية الارتفاع في أسعار القمح. يضاف إلى ذلك أن الاقتصاد المصري قد تراجع خلال الأشهر الأخيرة، وقد أطلعت مصر الدول المانحة على أنها تحتاج إلى عشرة مليارات دولار للمساعدة على استيعاب الصدمات الاقتصادية التي ترافقت مع الثورة المصرية والتحول الديموقراطي. من شأن ذلك أن يجرّد مفاعيل الثورات من حصانتها ويجعلها أكثر عرضة للضغوط الخارجية، أمرٌ لم تفت الولايات المتحدة ملاحظته. فقد لفت أوباما إلى أنه ستكون هناك رزمة من المساعدات للبلدان التي تلتزم بالقواعد الأميركية. إلا أن مصر اتخذت مبادرة راديكالية وزادت رقعة المنطقة التي تنتج القمح، كذلك اقترحت الإعانة والدعم على مزارعيه. قد تكون اتفاقية كامب دايفيد غير ملغاة حتى الآن، إلا أن ما هو أكيد أن مصر الثورة تختلف عن مصر مبارك.