فيصل طعمة
تمسك سكينها وكيساً كبيراً وتنطلق نحو الجبال والسهول والأودية المحيطة ببلدة كفريا الجبلية السهلية في البقاع الغربي. عِرق واحد من الأعشاب لا يفوت أم علي بهاء الدين، الخمسينية النشيطة. «يوميي منقوم أنا ورفيقتي ظريفة مع شروق الشمس، ما منخلّي مطرح إلا ما منروح عليه، لأنو في كتير اعشاب جبلية منفتش عليها متل المشة (ينبت على الصخر)، الرشاد، والهندبي والبلعصون، والأعشاب السهلية في مثلا السليقة، الحميضة والجرجير النهري، وأنواع تانية متل الفجيلة والدردرية التي تطبخ وتؤكل مع الأرز، والفدرية وقرص العنة كسلطة»، تقول، مضيفة: «كل هالأعشاب غذا بغذا، وكل أكلاتنا بهالوقت بتكون منها. منعمل منها فطاير حميضة ورشاد، ومنعمل منها طبخة مع الرز، أو عصورة متبلة بالحامض والثوم. وفوق هيدا كله، منعمل رياضة لما نسلّق، لأنه بالبيت منقضّيها قاعدين عم نتحدث أو نشرب أرجيلة ومتة».
تقضي نساء البقاع ساعاتهن الصباحية الأولى في مثل هذا الوقت من كل عام، في التقاط الأعشاب الربيعية، كغذاء طبيعي ونباتي صحي لهن ولأفراد أسرهن بدلاً عن إعداد اللحوم الغنية بالكوليسترول والحبوب المخزّنة من العام الماضي، (لأن موسم الحبوب لهذا العام لم يحن بعد)، ما يعود بالفائدة صحياً على أفراد العائلة.
وفي هذا الإطار، تقول اختصاصية التغذية سارة ساطي: «هذه الأعشاب، التي تدخل ضمن خانة «النبتات ذات الأوراق الخضراء» غنية بالألياف، وهي غذاء ضروري ومتكامل للجسم، لكونها تساعد على الوقاية من الأمراض المزمنة كالسرطان والإمساك، إلى جانب كونها غنية بالحديد والفيتامين B9 المسؤول عن تجديد خلايا الجسم، وخاصةً خلايا البشرة، وتكوين الكريات الحمراء والبيضاء». وللمهتمين برشاقة الجسم والحفاظ على الوزن المثالي، تضيف ساطي: «لهم أيضاً حصة مع هذه الأعشاب، لغناها بالفيتامين C والبوتاسيوم المسؤول عن تبادل الأملاح المعدنية بالجسم، فهي تحتوي على الكثير من الغذاء في مقابل سعرات حرارية أقل إن لم نقل معدومة، وخاصةً إذا جرى تناولها من دون طبخ، إذ تحتفظ حينها بمائها». ولم تغفل ساطي الآثار السلبية لهذه الأعشاب، إذ لفتت إلى أنها قد تكون مضرة بالنسبة إلى أولئك الذين يعانون الإسهال، فهؤلاء ننصحهم بتفاديها.
وتجمع النساء اللواتي اعتدن القيام بجمع هذه الأعشاب، على الجانب الرياضي والصحي لهذه الهواية، لناحية «تقوية العظام»، لأنها تستدعي المشي على التراب، وتستتبع تالياً تنشق الهواء النقي عند الصباح، معتبرين أنها توفّر الغذاء وتحافظ على الصحة وتقتل الملل والضجر، ويمكنها أحياناً أن توفر مردوداً مالياً لا بأس به، من خلال بيعها في الأسواق المحلية».