على رغم سياسة الانفتاح التي يدأب ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، على الترويج لها، لا تزال بلاده ذات موقع «مميّز» على الدول الأكثر تنفيذاً للإعدام في العالم. وبلغ عدد مَن طُبّق بحقّهم هذا الحكم، منذ بداية عام 2023، ثمانٍ وثلاثين ضحية بينهم الشابان البحرينيان، صادق ثامر وجعفر سلطان، اللذان اعتُقلا عام 2015 ووُجّهت إليهما تهم تتعلّق بـ«الإرهاب». وفي تعليقه على ذلك، يرى عضو الأمانة العامة في «جمعية الوفاق الوطني» البحرينية المعارضة، طاهر الموسوي، أن الإعدامات الأخيرة «جاءت من خارج السياقات السياسية الجديدة في المنطقة، حيث ساد تصوّر بأن ما بعد الاتفاق السعودي - الإيراني ليس كما قبله»، محتملاً أن «تكون في سياق الرسائل المتبادلة، وذلك بهدف تحسين عملية استكمال الملفّات والقضايا العالقة المرتبطة بالاتفاق»، مستبعداً أن يتمّ تسليم جثمانَي ثامر وسلطان لذويهما، «انطلاقاً من عقلية النظام السعودي»، الذي يقدّر نشطاء أنه يقوم بتجميع جثامين المعدَمين في مقابر، مكتفياً بترقيمها فحسب.وفي اليوم نفسه الذي أُعدم فيه الشابّان البحرينيان، أصدر «معهد الخليج للديموقراطية وحقوق الإنسان» تقريراً أفاد فيه بأنه منذ بداية أيار 2023، نفّذ النظام السعودي حُكم الإعدام بحقّ سبعة مواطنين سعوديين بتهم جلّها تتعلّق بـ«الإرهاب»، لافتاً إلى أن السلطات ‎«صادرت حق العوائل في إجراء مراسم الدفن لأبنائها، وتمنّعت عن تسليم جثامينهم، وأخفت حتى أماكن دفنهم». ويَعتبر مدير المعهد، يحيى الحديد، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «ما حصل كان متوقّعاً»، مرجعاً ارتفاع وتيرة الإعدامات إلى «رغبة السعودية في القول للداخل والخارج إنها لن تسمح لأحد بالتدخّل في شؤونها، خصوصاً بعد توقيع اتفاق عودة العلاقات مع إيران». ولا يستبعد الحديد أن «تشهد الفترة المقبلة مزيداً من أحكام الإعدام بحق النشطاء السياسيين، في ظلّ نظام قضائي يفتقر إلى أسس إجراءات التقاضي، وعلى رأسها توفير محاكمات عادلة للمحكومين وتعيين محامٍ للدفاع عنهم». وفي ما يتّصل بالشابَّين البحرينيَين خصوصاً، يوضح أن ستّاً من أصل سبع تهم موجَّهة إليهما، يرتبط الفعل المتضمَّن فيها بأراضي البحرين، وبالتالي لم يكن للسلطات السعودية الحقّ في محاكمتهما على خلفيّتها.
ما حدث مع الشابَّين سلطان وثامر «ليس إعداماً، وإنّما قتل خارج إطار القانون»


من جهته، يرى المستشار القانوني البحريني، إبراهيم سرحان، أن ما حدث مع الشابَّين سلطان وثامر «ليس إعداماً، وإنّما قتل خارج إطار القانون، لأنه منذ لحظة الاعتقال وحتى التنفيذ، لم يُتّخذ أيّ مسار قانوني ينسجم مع قانون البحرين ولا حتى مع قانون السعودية»، مبيّناً أن «المدّعي العام لم يقدّم أيّ دليل مادّي يمكن أن يثبت حيازة المتّهمين أيّ مواد متفجّرة، وبالتالي لم يكن هناك تلبّس». ويصف سرحان «حرمان أهالي الشهداء من زيارة الوداع وجلسة أخذ الوصية الشرعية» بأنه «تصرّف غير مفهوم من السلطات السعودية، إلّا في سياق مخالفة الشرع والقانون»، عادّاً «حرمان العوائل أيضاً من استلام الجثامين، ونقلها إلى البحرين للصلاة عليها ودفنها في مقابر المسلمين، جريمة مقصودة من الحكومة السعودية تشاركها فيها حكومة البحرين».