يَظهر أن عبدالله أراد انتزاع ضمانات أميركية بعدم المساس بالوضع التاريخي في الحرم القدسي
واستبق نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، لقاء عبدالله بالرئيس الأميركي جو بايدن، بإجراء مقابلات تلفزيونية، أعلن فيها أن «ما نريده الآن هو الحفاظ على التهدئة، وهذا يبدأ باحترام إسرائيل للوضع التاريخي والقانوني في المقدّسات». وبالتوازي مع ذلك، سرت أنباء عن إعداد الأردن وثيقة حول المحافظة على الوصاية الهاشمية، سيجري عرضها على الأميركيين، تتضمّن مرافعة تاريخية وسياسية بخصوص جملة القرارات والاتفاقيات التي تؤكد أن «الحرم القدسي بكامل مساحته هو مكان عبادة خالص للمسلمين، وأن إدارة المقدّسات الإسلامية التابعة لوزارة الأوقاف الأردنية هي صاحبة الصلاحية الحصرية في إدارة كلّ شؤونه». كما تتضمّن الوثيقة المطالبة بإعادة ترتيب التدابير الأمنية، لجهة سحب السيطرة على الحرم القدسي وأبوابه من الأمن الإسرائيلي، وإحالة تنظيم أيّ زيارات لغير المسلمين إلى دائرة الأوقاف التابعة لوزارة الأوقاف الأردنية. لكنّ صحيفة «معاريف» العبرية نفت، من جهتها، أن تكون هناك أيّ مطالب بهذا الخصوص. ومع بداية الأسبوع الماضي، وخلال 24 ساعة، نفى الأردن، مرّتَين، عبر وزارتَي الأوقاف والخارجية، ما تناقله عدد من وسائل الإعلام حول موافقة الحكومة الإسرائيلية على طلب أردني بزيادة عدد حراس المسجد الأقصى، مؤكداً أن مسؤولية تعيينهم تعود إليه حصراً، لافتاً إلى أنه عيّن أكثر من 70 حارساً منذ عام 2016، إلّا أن إجراءات التعسّف الإسرائيلية تحول دون التحاقهم بعملهم.
وبالعودة إلى جولة عبدالله، فقد استبق الأخير لقاءه بايدن، بلقاء عدد من القيادات المسيحية في نيويورك، حيث تطرّق إلى أهمّية العمل بشكل جماعي للحفاظ على الوجود المسيحي في المنطقة، محذّراً من التضييق المستمرّ الذي يطاول المسيحيين في الأراضي الفلسطينية وبخاصة في مدينة القدس، مشيراً إلى أن بعض ممتلكات هؤلاء صادرتها منظمات متطرّفة، فيما أخرى تخضع لضرائب عالية. كذلك، اجتمع الملك برئيس أساقفة أبرشية الروم الأرثوذكس في أميركا إلبيدوفوروس، وبحث معه سبل دعم جهود الأردن في تعزيز الوجود المسيحي في الشرق الأوسط. وشملت جولة الملك أيضاً لقاءات مع عدد من أعضاء الكونغرس، ورئيس وأعضاء اللجنة الفرعية لمخصّصات وزارة الخارجية والعمليات الخارجية والبرامج ذات الصلة في مجلس النواب، فضلاً عن مستشار الأمن القومي جيك سوليفان، ومنسّق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجلس الأمن القومي بريت ماكغورك، ووزير الدفاع لويد أوستن. وفي نهاية جولته، التقى عبدالله الرئيس الأميركي، في اجتماع لم يخرج في الظاهر عن نطاق البروتوكولات، لكنّه بدا فعلياً محاولة لوضع كُرة الوصاية في ملعب إدارة بايدن، في وقت تخوض فيه عمّان مواجهة صعبة مع تل أبيب، يبدو أن مَن يقودها فعلياً هو مجلس الأمن القومي الجديد، ولا سيما في ظلّ حضور رئيس المخابرات الأردنية، أحمد حسني حاتوقاي، الاجتماعات الخاصة بالشأن الفلسطيني، إضافة إلى دخول رئيس الوزراء، بشر الخصاونة، على خطّها، بعدما جرى تغييب شاغل هذا المنصب لسنوات عن اللقاءات المتّصلة بالسياسة الخارجية، والتي تولّاها الملك ووزير خارجيته وحدهما. والظاهر أن التصعيد الأردني في قضية اغتيال الصحافية الشهيدة، شيرين أبو عاقلة، ليس منفصلاً عن سياقات تلك المعركة وأدواتها.