أوصت الدول الأعضاء في منظّمة «أوبك» وشركاؤها من خارج المجموعة، وفي مقدمتهم روسيا، بضبط إنتاج النفط، عبر إزالة نصف مليون برميل إضافية مِن سوقٍ يُتوقَّع أن تعود إلى تسجيل فائض في المعروض بداية العام المقبل. وبحلول منتصف أمس، وقبل أن يبدأ الأعضاء في «أوبك» اجتماعهم الرئيسي المتأخِّر، قال وزير الطاقة الروسي، ألكسندر نوفاك، إن اجتماعاً تمهيدياً للوزراء أوصى بخفض بمقدار 500 ألف برميل إضافي للربع الأول من 2020، لكن بعض وزراء المجموعة دعوا إلى تمديد خفض الإنتاج إلى النصف الأول من 2020، أو حتى نهاية العام. توصيةٌ أضفت طابعاً رسمياً على ما دأبت المجموعة على اعتماده منذ بداية العام الجاري، لكنها أهملت تفاصيل لا يزال يتعيّن حلّها، بدءاً من تقسيم الحصص النفطية بين الدول، وصولاً إلى مستوى الإنتاج في السعودية التي قدَّمت إلى حدٍّ كبير مساهمة في فرض قيود على الإمدادات. وبصفتها القوة المهيمنة في «أوبك»، تستخدم المملكة سياسة العصا والجزرة مع الأعضاء الآخرين في «كارتل» النفط، بهدف الحفاظ على الأسعار. وزير الطاقة السعودي، عبد العزيز بن سلمان، الذي حضر الاجتماع الأول للمنظمة منذ تولّيه منصبه، بدا مصرّاً على ضرورة امتثال الدول الأخرى لخفض الإنتاج، وفقاً لمندوبي المنظمة. التركيز على الامتثال يعكس كما يبدو عدم رضى السعوديين، ولا سيما أن دولاً مثل العراق ونيجيريا وروسيا فشلت في الوفاء في التزاماتها. ووفق كبيرة محلّلي النفط لدى «إنرجي أسبكتس»، أمريتا سين، فإن المملكة «أبلغت أوبك صراحة أنها لن تتسامح إزاء عدم الامتثال… إذا استمرّ ذلك، بإمكان السعودية العودة بسهولة إلى رفع مستوى إنتاجها». وطبقاً للمراقبين، تناسب زيادة خفض إنتاج النفط ورفع الأسعار الرياض الساعية إلى دعم الاكتتاب في جزء من أسهم شركتها العملاقة «أرامكو».
في مقابلة مع تلفزيون «بلومبرغ»، قال الوزير الروسي إن الحصة الجديدة لن تدخل حيز التنفيذ إلا إذا نفّذ جميع أعضاء «أوبك+» القيود المفروضة عليهم بنسبة 100%. وهو ما كافح تحالف «أوبك+» من أجل تحقيقه طوال السنوات الثلاث الماضية. لكن خفض الإنتاج تجاوز فعلاً هدف المجموعة لمعظم العام الجاري، ويؤكّد ذلك ما خلصت إليه اللجنة الفنية المشتركة للمجموعة، إذ أشارت إلى أن الخفض تجاوز الهدف بنحو 40% في تشرين الأول/ أكتوبر، أي ما يعادل 500 ألف برميل يومياً من التخفيضات الإضافية، ما يعني أن «الصفقة» الجديدة، على الأقلّ بالنسبة إلى السوق النفطية، لا تعدو كونها دفعة نفسية.
قد تميل الدول الأعضاء في المنظمة إلى اتباع نهج حذر وسط الوضع الاقتصادي العالمي المتباطئ، ولا سيما أن الحرب التجارية بين واشنطن وبكين أضرّت بنمو اقتصاد الصين المستهلك المهم للنفط عادة، كما يعاني الاقتصاد الأوروبي حالياً من الركود. إضافة إلى ذلك وصل إنتاج الدول غير الأعضاء إلى مستويات قياسية، إذ تستخرج الولايات المتحدة، المنتج الأول للنفط عالمياً منذ 2018، كميات كبيرة من النفط الصخري، فيما رفعت البرازيل وكندا إنتاجهما، بينما تنوي دول مثل النروج رفع إنتاجها. وبلغ إجمالي المخزونات المحلية الآن كمية هائلة تبلغ 452 مليون برميل، وفق أرقام نشرتها أول من أمس إدارة معلومات الطاقة الأميركية. ويرى محللون أن هذه العوامل مجتمعة لا تترك أمام «أوبك» الكثير للمناورة، إذا ما أرادت تحقيق هدفها بالوصول إلى «أسعار عادلة ومستقرة للدول المنتجة للنفط». والأسعار مستقرة نسبياً منذ الاجتماع الأخير للمنظمة في تموز/ يوليو عند قرابة 60 دولاراً لبرميل خام «برنت»، باستثناء ارتفاع في أيلول/ سبتمبر في أعقاب هجمات «أرامكو».